التقرير الأسبوعي لبنك عوده- جردة السنة: عام حرج للأسواق المالية اللبنانية في 2019 بانتظار حلول إنقاذية

27 كانون الأول 2019 | 16:16

التقرير الأسبوعي لبنك عوده- جردة السنة: عام حرج للأسواق المالية اللبنانية في 2019 بانتظار حلول إنقاذية

27 كانون الأول 2019 | 16:16

قال التقرير الأسبوعي لبنك عوده في جردته السنوية أن العام 2019 كان عاماً حرجاً للأسواق المالية اللبنانية وسط موجة من الاحتجاجات عمّت البلاد من أقصاه إلى أقصاه على خلفية مطالب اجتماعية واقتصادية مزمنة وفي ظل استمرار أزمة التأليف الحكومي، فيما سجّل شح في السيولة بالدولار وبلغ معدل الفائدة من يوم إلى يوم مستويات قياسية وارتفع المردود على سندات الخزينة بالليرة لأول مرة منذ ست سنوات، كما سلكت الموجودات الخارجية لدى مصرف لبنان مسلكاً تراجعياً، وانخفضت أسعار سندات الدين اللبنانية المقومة بالدولار إلى مستويات غير مسبوقة، بينما اشترطت مجموعة الدعم الدولية تشكيل حكومة ذات مصداقية تستطيع تطبيق إصلاحات عاجلة لكي تقدم المساعدة المالية للبنان. في ظل هذه الظروف الاستثنائية، أصدر مصرف لبنان ولا سيما خلال الربع الأخير من العام 2019 سلسلة من التعاميم بشأن وضع آلية لتأمين التمويل بالدولار للاعتمادات المستندية المخصصة لاستيراد المنتجات الأساسية، والطلب من المصارف عدم توزيع أرباح عن السنة المالية 2019 وزيادة أموالها الخاصة الأساسية بالدولار الأميركي بنسبة 20% في مهلة أقصاها حزيران 2020، وخفض معدلات الفوائد الدائنة على الودائع بالليرة والدولار وإلزام المصارف دفع الفوائد على الدولار نصفها بالليرة اللبنانية ونصفها بالدولار. في خضم هذه الأجواء، سجلت سوق القطع حركة تحويلات ناشطة لصالح الدولار، أدت إلى بلوغ نسبة دولرة الودائع أعلى مستوى لها منذ أكثر من عشر سنوات. فيما فرضت المصارف اللبنانية عملاً بتوصيات “جمعية المصارف في لبنان” تدابير استثنائية لتنظيم عملية السحوبات وخروج الرساميل وذلك من باب حرصها على مصالح العملاء والمصلحة العامة للتمكن من تجاوز الظروف الراهنة. وقد انعكس ازدياد الطلب على الدولار شحاً في السيولة بالليرة اللبنانية في سوق النقد وارتفاعاً في معدل الفائدة من يوم إلى يوم إلى حدود 100% بعض الأحيان علماً أنه انخفض إلى ما دون 10% مع نهاية السنة. أما سوق سندات الأوروبوند، فشهدت تصحيحاً تراجعياً للأسعار وبيوعات أجنبية صافية وسط عمليات خفض للتصنيف الائتماني للبنان من قبل ثلاث مؤسسات تصنيف عالمية هي “فيتش” و”موديز” و”ستاندرد أند بورز”، ما انعكس ارتفاعاً في متوسط المردود المثقل إلى مستويات قياسية بلغت 30% واتساعاً لافتاً في هوامش المخاطر الائتمانية لخمس سنوات لحدود 2429 نقطة أساس.

الأسواق

سوق النقد: خضعت سوق النقد للعديد من الضغوطات خلال العام 2019 في ظل موجة من التحويلات الصافية لصالح الدولار في سوق القطع وبلوغ نسبة دولرة الودائع أعلى مستوى لها منذ تموز 2008 (73.4%). وهذا ما انعكس شحاً في السيولة بالليرة اللبنانية وارتفاعاً في معدل الفائدة من يوم إلى يوم إلى مستويات قياسية بلغت في بعض الأحيان زهاء 100%. إلا أن معدل الفائدة من يوم إلى يوم بدأ يسلك مسلكاً تراجعياً قبيل نهاية العام 2019 ليقفل على 5% في نهاية كانون الأول في ظل التدابير الاستثنائية التي اتخذتها المصارف اللبنانية من أجل الحدّ من أحجام التحويل من الوفورات بالليرة اللبنانية لصالح الدولار، ناهيك عن ظهور بعض الأسباب التقنية والتي ساهمت في عودة توافر السيولة بالليرة اللبنانية في سوق النقد في نهاية العام 2019، ولا سيما إعادة توظيف ودائع صندوق الضمان الاجتماعي لدى المصارف اللبنانية.

سوق سندات الخزينة: بعد استقرار استمر لأكثر من ست سنوات، شهد العام 2019 لأول مرة زيادة في معدلات الفوائد على سندات الخزينة بالليرة من فئات الثلاثة أشهر والستة أشهر والسنة والسنتين والثلاث سنوات والخمس سنوات والسبع سنوات، بما يتراوح بين 0.86% و1.92%، وذلك بعد أن تمّ رفع معدلات الفوائد على السندات بالليرة من فئتي 10 سنوات و15 سنة في كانون الأول 2018. واقتصرت الاكتتابات الإجمالية للجهاز المالي (المصارف ومصرف لبنان) بسندات الخزينة بالليرة على نحو 17405 مليار ليرة في العام 2019 بالمقارنة مع اكتتابات أكبر 28557 مليار ليرة في العام 2018، أي بتراجع نسبته 39%. في المقابل، ظهرت استحقاقات بنحو 12792 مليار ليرة، مما أسفر عن فائض اسمي بنحو 4613 مليار ليرة في العام 2019 مقابل فائض أكبر بقيمة 11665 مليار ليرة في العام 2018. وظل مصرف لبنان يغطّي العجز الحاصل في الطلب في السوق الأولية لسندات الخزينة، كما قام في تشرين الثاني وكانون الأول من العام 2019 بالاكتتاب بسندات الخزينة من فئة العشر سنوات بفائدة 1% وبما مجموعه 3000 مليار ليرة. وهذا ما انعكس نمواً في محفظة سندات الخزينة بالليرة المملوكة من قبل مصرف لبنان بقيمة 9146 مليار ليرة منذ نهاية العام 2018 حتى منتصف كانون الأول 2019 بعد نمو أقل بكثير في هذه المحفظة بقيمة 2361 مليار ليرة في العام 2018.

سوق القطع: اشتدّ الطلب على الدولار في سوق القطع ولا سيما منذ نهاية الفصل الثالث من العام 2019 وظهر شحّ في السيولة بالعملة الصعبة ما أدى إلى بروز أزمة في استيراد بعض السلع الحيوية. وهذا ما دعا مصرف لبنان إلى إصدار العديد من التعاميم المنظّمة لعملية تمويل استيراد هذه السلع. وحرصت المصارف اللبنانية منذ اندلاع الحراك المدني في 17 تشرين الأول 2019 على توظيف كل جهودها لاستيعاب طلبات زبائنها وسط ظروف استثنائية، فيما وضعت بعض الضوابط على التحاويل والسحوبات المصرفية وفرضت بعض الإجراءات التي تتماشى مع الأوضاع الراهنة حفاظاً على حسن سير العمل والمصلحة العامة. في موازاة ذلك، تراجعت الموجودات الخارجية لدى مصرف لبنان بقيمة 2.1 مليار دولار خلال الفترة الممتدة منذ نهاية العام 2018 حتى منتصف كانون الأول 2019 لتبلغ زهاء 37.6 مليار دولار (علماً أن محفظة المركزي لسندات الأوروبوند اللبنانية بلغت 5.7 مليار دولار في منتصف كانون الأول 2019). ويأتي هذا الانخفاض في احتياطيات المركزي في ظل التحويلات الصافية لصالح العملات الأجنبية ونتيجة استحقاق سندات سيادية بقيمة 2650 مليون دولار في العام 2019 ودفع قسائم بقيمة 2074 مليون دولار. يجدر الذكر أنه لدى احتساب احتياطي الذهب، يصل مجموع احتياطيات مصرف لبنان إلى 51 مليار دولار في منتصف كنون الأول 2019.

سوق الأسهم: ظلت أسعار الأسهم في بورصة بيروت تسلك مسلكاً تراجعياً خلال العام 2019 داخل سوق تفتقر إلى السيولة والفعالية. إذ هبط مؤشر الأسعار بنسبة 17.3% بعد أن كان قد سجل انخفاضاً نسبته 14.6% في العام 2018 وسط تأزم الوضع السياسي الداخلي وبانتظار ظهور مؤشرات جدية لتشكيل حكومة ذات مصداقية تكسب ثقة المجتمع الدولي والمباشرة بتطبيق إصلاحات اقتصادية جدية. في هذا السياق، انخفضت أسعار 15 سهماً من أصل 26 سهماً مدرجاً في بورصة بيروت، بينما ارتفعت أسعار سهمين، وظلت أسعار 9 أسهم مستقرة خلال العام 2019. وقد ترافق هبوط الأسعار في بورصة بيروت مع ازدياد في تقلّبية الأسعار والتي تُقاس بالانحراف المعياري لهذه الأسعار نسبةً الى متوسطها، حيث بلغت 7.52% في العام 2019 مقابل 7.05% في العام 2018. في هذا السياق، وعلى ضوء الانخفاض اللافت في أسعار الأسهم، تراجعت القيمة الترسملية في بورصة بيروت بنسبة 17.7%، حيث بلغت زهاء 7506 مليون دولار في نهاية العام 2019 مقابل 9117 مليون دولار في نهاية العام 2018. وسجلت قيمة التداول الاسمية انخفاضاَ لافتاً نسبته 48.0% في العام 2019 بالمقارنة مع العام 2018، لتبلغ زهاء 196 مليون دولار. وقد استحوذت الأسهم المصرفية على 82.4% من النشاط، تلتها أسهم “سوليدير” بنسبة 17.3% فالأسهم الصناعية والتجارية بنسبة 0.3%. في هذا السياق، تراجع معدل دوران الأسهم في بورصة بيروت في العام 2019، المحتسب على أساس مجموع قيمة التداول السنوية إلى القيمة الترسملية، حيث بلغ نحو 2.6% مقابل 4.1% في العام 2018، علماً أنه أدنى بكثير من المتوسّطات الإقليمية والعالمية.

سوق سندات الأوروبوند: بلغت أسعار سندات الأوروبوند اللبنانية في العام 2019 أدنى مستوى لها على الإطلاق وسط تلبد المناخ السياسي، وفي ظل خفض التصنيف الائتماني للبنان من قبل “فيتش” مرتين في آب وكانون الأول من هذا العام إلى “CC” وخفض التصنيف من قبل “موديز” مرتين أيضاً في كانون الثاني وتشرين الثاني من العام 2019 إلى “Caa2” وخفض التصنيف الائتماني للبنان من قبل “ستاندرد أند بورز” إلى “CCC” في تشرين الثاني 2019، بينما اشترطت مجموعة الدعم الدولية المنعقدة في كانون الأول 2019 تشكيل حكومة ذات مصداقية تستطيع تطبيق إصلاحات عاجلة لكي تقدّم المساعدة المالية للبنان. في هذا السياق، شهدت سندات الدين اللبنانية المقومة بالدولار تصحيحاً تراجعياً في الأسعار وبيوعات صافية من قبل المتعاملين المؤسساتين الأجانب، إذ سجلت الأوراق السيادية التي تستحق بين العام 2020 و2037 انخفاضات في الأسعار تراوحت بين 8.13 دولار و38.38 دولار في العام 2019. عليه، وصل متوسط المردود المثقل في نهاية العام 2019 إلى مستويات عالية غير مسبوقة لامست 30% وهو يقارن مع مستوى مردود أقل بكثير نسبته 9.95% في نهاية العام 2018. وعلى صعيد كلفة تأمين الدين، اتسع هامش مقايضة المخاطر لخمس سنوات على نحو لافت من 770 نقطة أساس في نهاية العام 2018 إلى مستوى غير مسبوق له مقداره 2429 نقطة أساس في نهاية العام 2019، في إشارة إلى تدهور نظرة الأسواق إلى المخاطر السيادية في لبنان. تبقى الآمال معقودة على حلول إنقاذية في العام 2020 تنشط حركة الأسواق وتبعد كابوس الانهيار عن كاهلها بشكل عام في المدى المنظور.

https://www.annahar.com/article/1093435-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D9%88%D8%B9%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%83-%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%87-%D8%AC%D8%B1%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9-%D8%B9%D8%A7%D8%A7%D9%85-%D8%AD%D8%B1%D8%AC-%D9%84%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%88%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-2019

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

أربعة عشر − عشرة =

آخر الأخبار