
حديث الأربعاء الاقتصادي رقم /294/، رسالة ثقة
كتبه د. عامر خربوطلي، العيادة الاقتصادية السورية، دمشق 30-4-2025
حديث الأربعاء الاقتصادي رقم /294/، رسالة ثقة
في مرحلة زمنية شديدة التعقيد ولكنها مؤلمة للاقتصاد السوري طغت عليها الإيديولوجيات والشعارات والفلسفات المستوردة الغريبة عن نسيج الأعمال في سورية، تم القضاء بالضربة القاضية على البرجوازية الوطنية السورية التجارية والصناعية وحتى الحرفية عبر مراسيم التأميم والمصادرة لجميع منشآت وشركات ومعامل القطاع الخاص السوري التي كانت مفخرة سورية ما بعد الاستقلال وتحولت إلى منشآت مملوكة للدولة بحجة القضاء على الاستغلال والرجعية وإلى ما هنالك من شعارات مزيفة كان عنوانها (المعمل للعمال) وجوهرها (المعمل للفساد).
في عام 1965 لوحده صدرت مجموعة قرارات بتأميم ومصادرة أكثر من (100) منشأة متوسطة الحجم وليست كبيرة.
هربت رؤوس الأموال السورية في تلك المرحلة إلى لبنان أولاً وإلى باقي دول العالم وانكمش القطاع الخاص السوري لنسبة لا تزيد عن 5% من حجم الاقتصاد السوري بعد ما كان يشكل الجزء الأعظم منه وتراجعت الثقة في الاستثمار والتجارة والأعمال بشكل كبير.
اليوم ومع ولادة الاقتصاد السوري الجديد الحر التنافسي بدأ حديث شفاف وحوار جريء عن مصير معامل وشركات القطاع العام الصناعي السوري بجزأيه المؤمم أصلاً من ملكية القطاع الخاص والباقي الذي تم تأسيسه لاحقاً والذي يعاني من مشاكل لا حصر لها تبدأ من حالات الخسارة المستفحلة مروراً بالمعامل المدمرة جزئياً أو كلياً أو التي مازالت مستمرة بالعمل والإنتاج ولكن بربعية متدنية وكفاءة منخفضة لا تتناسب أبداً مع حجم رؤوس الأموال المستثمرة وبالدرجة الأولى من الأصول الثابتة من أراضي ومباني وتجهيزات.
إن معالجة أوضاع شركات القطاع العام الصناعي تبدأ قبل كل شيء من إعادة الحقوق لأصحابها لتوجيه رسالة ثقة من الحكومة الجديدة إلى جميع المستثمرين السوريين المحليين والمغتربين والخارجيين بأن الحقوق الخاصة مصانة، وأن التأميم والمصادرة ذهب إلى غير رجعة وأن القطاع الخاص السوري سيقود عملية التطوير والتنمية الاقتصادية عبر شركات جديدة مساهمة أو غيرها من الأنواع والأشكال القانونية وضمن تحالفات وصيغ عمل مبتكرة وجديدة تتلائم مع التطورات الاقتصادية العالمية والانفتاح والعولمة.
أما بالنسبة للمعامل التي قامت الحكومات السابقة بتأسيسها فهي ملك عام للشعب السوري وإحدى قنواته الاستثمارية المهمة لرفد الخزينة العامة التي من واجبها تقديم الخدمات والبنى التحتية لجميع أفراد الشعب، وهذه الاستثمارات يجب إعادة هيكلتها من الناحية القانونية والتشغيلية والإدارية بهدف رفع كفائتها وتحسين أدائها وضمان معدلات من العائد تتناسب مع رؤوس الأموال المستثمرة وأن لا يتم بعد الآن تحميل أي جانب اجتماعي على الاقتصادي، أي أن تعمل منشآت القطاع العام الاستراتيجي ضمن معايير الربحية المعتادة للقطاع الخاص وأن تستخدم صيغ التشاركية (ppp) لتشغيل هذه المصانع من قبل الشركات العالمية الرائدة وأن يكون البيع والخصخصة آخر الحلول المتاحة.
سورية تستحق أن يُستفاد من جميع مواردها وإمكانياتها الصناعية والتجارية العامة والخاصة لبناء اقتصاد سوري جديد ومتجدد يُعيد الألق والازدهار.
كتبه د. عامر خربوطلي، العيادة الاقتصادية السورية، دمشق 30-4-2025