حملات ترويج مصرية لإصدار سندات دولية
كان بيان وزارة المالية المصرية مقتضبا وهو يعلن بدء حملة ترويج لطرح سندات دولية في أسواق آسيوية مثل سنغافورة وماليزيا وهونغ كونغ والصين واليابان، بجانب بعض الدول الأوروبية.
ورغم المؤشرات الاقتصادية الجيدة، حسب الإحصاءات الرسمية، فإن التوسع في طرح السندات الدولية يثير كثيرا من التساؤلات حول قدرة البلاد على تسديد ديونها التي تشهد ارتفاعا مع مرور الوقت.
أدوات الدين الحكومي
تعد السندات واحدة من مكونات الديون الخارجية، كما أنها أداة هامة من أدوات الحكومة لتمويل أنشطة الموازنة العامة ودعم الاحتياطيات.
وتؤكد الإحصاءات الرسمية، إنه بحلول ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، بلغت إجمالي حيازات الأجانب من أذون الخزانة المصرية نحو 20 مليار دولار، وارتفع إلى 23 مليار دولار بنهاية مارس / آذار 2018. وتهدف وزارة المالية لإصدار سندات تصل إلى 28 مليار دولار في السنة المالية المقبلة 2018/ 2019.
ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، الدكتور عبد الخالق فاروق، لبي بي سي: “إن التوسع في أدوات الدين الحكومي من سندات أو غيرها، لم يضع أولويات محددة من الممكن أن يكون لها عائد استثماري، متسائلا: “هل أُخذت الأولويات في التخطيط الاستثماري للدولة في عين الاعتبار؟ وهل مازال الاستثمار العقاري كالعاصمة الإدارية (مشروع أعلنته الحكومة المصرية في 2015 ) له الأولوية؟”.
وقال عبد الخالق “إن التمويل يجب أن يكون للمشروعات التي لها انتاجية واستمرارية وإسهامات غير متوقفة للاقتصاد”.
مضيفا “لقد قفز الدين الداخلي من 1.8 ترليون جنيه إلى 3.5 ترليون جنيه منذ يونيو / حزيران 2014 وقفز الدين الخارجي من 46 مليار إلى 92 مليار دولار في الفترة نفسها “وسياسة التوسع المستمرة في الاستدانة ستؤثر على الاقتصاد المصري والأجيال القادمة التي ستسدد هذه القروض”.
أما رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، الدكتور رشاد عبده، فقال أيضا لبي بي سي: “إن مصر تحتاج للسندات الخارجية بالعملات الأجنبية، لأن لديها فجوة تمويلية (الفرق بين المصروفات والايرادات والذي يمثل عجز الموازنة) ولا بد من تغطية هذه الفجوة، لتلبية احتياجات المجتمع المصري من السلع .. مصر قد لا تكون سعيدة بالاقتراض ولكنها بحاجة إليه”.
ويضيف عبده: “لدى مصر مصادر لسداد مستحقات السندات بالعملات الأجنبية في ظل تحسن المؤشرات الاقتصادية وبالتالي ليست هناك مخاوف، وقد تعلمت مصر الدرس بشكل كبير، فآجال تسديد السندات هي الآن طويلة شيئا ما، إذ تتراوح ما بين خمس سنوات إلى ثلاثين سنة وهو ما يعطيها فرصة جيدة للتسديد”.
واستشهد رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية بشركات التصنيف العالمية التي رفعت التصنيف الائتماني المصري، وهو ما يشير إلى ارتفاع قدرة البلاد على تسديد ديونها وتمويل احتياجاتها بشكل أكثر أريحية.
وعن الفائدة المطروحة بها السندات الجديدة، قال عبده إن “أسعار الفائدة للسندات المصرية تنافسية تضمن الإقبال من المستثمرين، وفي الوقت نفسه تخفض من تكلفة الاقتراض، إذ تقل فوائد الاقتراض الخارجي عن الداخلي، وهي ميزة تساعد علي تخفيض تكلفة الدين العام”.
مؤشرات الاقتصاد المصري
وتشير إحصاءات رسمية صادرة عن البنك المركزي المصري إلى ارتفاع صافي الدين الخارجي بنهاية الربع الثالث إلى 88 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمثل 41% من الناتج المحلي الإجمالي.
كما تشير إلي تراجع نسبة عجز الموازنة إلى الناتج المحلي من نحو 12.5% في العام المالي 2015/2016 إلى 9.8% في العام المالي الماضي.
وتخطط وزارة المالية لخفضها مرة أخرى إلى 8.4% خلال العام المالي الحالي.
ويرى بعضهم أن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد المصري، هي ما يعتمد عليه المستثمرون في الإقبال على السندات المصرية في الأسواق الخارجية، إلا أن اقتصاديين آخرين يؤكدون أن سياسة التوسع في الاقتراض ستقلل من مساحات الحركة في الاقتصاد المصري، وتضع أثقالا على أكتاف الأجيال القادمة. http://www.bbc.com/arabic/business-45799973