حديث الأربعاء الاقتصادي رقم (107)
دمشق في 9/12/2020. كتبه: د. عامر خربوطلي
حديث الأربعاء الاقتصادي رقم (107)
(الاقتصاد البنفسجي)
ليس اللون مرادفاً مع الرومانسية والمشاعر دائماً رغم صلته أحياناً بالأمور غير المادية ذات البعد المعنوي، وحديثنا عن لون اقتصادي بنفسجي أطلق عليه ذلك لأنه يسهم في التنمية المستدامة من خلال تثمين العائد الثقافي للسلع والخدمات.
فهذا الاقتصاد يحيل إلى إعطاء الاعتبار للجانب الثقافي للاقتصاد. وهو اقتصاد يتكيف مع التنوع الإنساني في نطاق العولمة. إن هذين الاتجاهين العمودي والأفقي يكمّل بعضهما البعض، ففي واقع الأمر فإن تزايد أهمية البعد الثقافي المتعلق بالمنتجات يؤدي إلى تعميق الثقافية.
إن نشأة الاقتصاد البنفسجي يعود إلى الأهمية المتصاعدة للجانب الثقافي في المجتمع المعاصر ومن بين العوامل التي يتم الإشارة إليها، إعادة التوازن الاقتصادي والسياسي العالمي لصالح البلدان الناشئة، والعودة إلى البيئات المحلية (التي تعد من جديد مراكز استقرار) وأشكال جديدة من المطالب متعلق بالجودة ويعتمد على الاستهلاك الثقافي وخطوات الابتكار (بافتراض وجود عقلية ثقافية من شأنها الجمع بين التخصصات المختلفة وتنمية موهبة الاكتشاف.
إن الاقتصاد البنفسجي ذو طبيعة شمولية من حيث كونه يثمن كل السلع والخدمات مهما كانت قطاعاتها وذلك استناداً على البعد الثقافي، وتم تطبيقه في الاقتصاد الحسي والتجريبي وهو يختلف عن اقتصاد الثقافة الذي يرتكز على منطق القطاعات.
في عام 2013 نشرت تقارير واستنتاجات حول الاقتصاد البنفسجي وضمت مجموعة من خبراء اليونيسكو ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وقد أكد هذا التقرير على تأثير البعد الثقافي على الاقتصاد بكامل جوانبه مع انعكاس ذلك على العمل والتدريب كما يميز التقرير بين الأعمال البنفسجية والمهن البنفسجية: فالأولى ترتبط مباشرة ومن حيث الغاية بالمحيط الثقافي (مثالها مخطط المدينة وتطورها) أما الثانية فهي التي تتكيف مع الثقافة (ومثالها وظائف المصادر البشرية أو وظائف التسويق والاتصال).
إن الاقتصاد البنفسجي يتمثل في شمولية إطاره للمحيط الثقافي الذي يترك فيه الوكلاء بصماتهم والذي يبقى ملكية عالمية مشتركة، وفي هذا السياق فإن هذا الاقتصاد يجعل من البعد الثقافي رهاناً للتنمية المستدامة.
منذ البداية يعد الطابع الثقافي تحدياً لتحقيق التنمية المستدامة. حيث أن المسؤولية الاجتماعية للشركات تستمد جذورها من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي اعتمدته الأمم المتحدة في عام 1966.
ما يهمنا في سورية من ألوان الاقتصاد المتعددة هو منعكسات هذه الألوان ومنها (البنفسجي) على قدرة الإنسان السوري على الاستفادة من ثقافته المتراكمة عبر العصور والأزمات والمحن وفترات الازدهار السابقة في تعزيز قيم التنافسية والانجاز والإبداع والابتكار في شتى المجالات المتاحة وان لا يقتصر نشاطه على اللهاث وراء لقمة عيشه الصعبة فقط.
دمشق في 9/12/2020. كتبه: د. عامر خربوطلي
العيادة الاقتصادية السورية