التجارة الخارجية العربية ودرجة اندماج الاقتصادات العربية بالاقتصاد العالمي

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري

 

التجارة الخارجية العربية ودرجة اندماج الاقتصادات العربية بالاقتصاد العالمي

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري

تبدو أهمية التجارة الدولية في أنها تمكن كل دولة من أن تستفيد من المزايا النسبية التي تملكها الدول الأخرى، فالتجارة الدولية تعمل على إعادة توزيع الخيرات والموارد بين دول العالم بحيث يتم وضع ما تتمتع به دولة ما من مزايا طبيعية أو مكتسبة تحت تصرف الدول جميعاً، عن طريق المبادلات التجارية بين دول العالم. [1]

تعني التجارة الخارجية، حركة المنتجات (السلع والخدمات) بين الدول والمجتمعات المختلفة. ولا تختلف الآلية التي تقوم عليها التجارة الدولية عن الآلية التي تقوم عليها التجارة الداخلية. فكلاهما يحدث نتيجة للتخصص وتقسيم العمل الذي يؤدي إلى ظهور فائض الإنتاج وضرورة قيام المبادلة.[2] مع العلم أن هناك اختلافات بين التجارة الداخلية والتجارة الخارجية تتمثل في:

  • الحدود السياسية الفاصلة بين الدول.
  • اختلاف وحدة التعامل النقدي. (النقود الوطنية).
  • اختلاف حجم الموارد الطبيعية والبشرية ونوعيتها.
  • اختلاف النظم الاقتصادية من دولة لأخرى.
  • اختلاف مستوى التطور الاقتصادي.

وتخضع المبادلات التجارية بين الوحدات السياسية المنفصلة (التجارة الخارجية) إلى شروط وقواعد (رسوم جمركية، تمييزات) لا تخضع لها التجارة الداخلية. [3]

أولاً – ظهور الحاجة للمبادلة والتجارة بين المجتمعات:

ظهرت الحاجة للمبادلة والتجارة في السلع بين المجتمعات (الجماعات، العشائر، القبائل، الدول) نتيجة تباين المنتجات التي ينتجها كل مجتمع وتعددها، بسبب اختلاف المناخ أو اختلاف الموارد الطبيعية التي يملكها كل مجتمع، واختلاف مستوى التطور الذي وصل إليه. هذه الاختلافات والتباينات أدت إلى إمكانية قيام المجتمع ببيع بعض السلع التي ينتجها عندما يتوفر فائض منها للمجتمعات الأخرى، مقابل الحصول على السلع والمنتجات من مجتمعات أخرى وبخاصة التي لا يستطيع هذا المجتمع إنتاجها. [4]

كانت التجارة الخارجية بين المجتمعات قبل اكتشاف النقود تتم بشكل مقايضة (سلعة مقابل سلعة). وذلك بسبب عدم وجود وسائل مقبولة لتسديد قيمة البضائع إلى بين المجتمعات. وكان حجم التجارة الخارجية في الأزمنة القديمة ضئيلاً جداً وهامشياً. ومع ظهور الدولة بدأت المبادلات التجارية بين المجتمعات تنمو وتزدهر. وقد سجلت البدايات الأولى للتجارة الخارجية المنظمة في العالم بين الدول في منطقة ما بين النهرين (بسبب ظهور قيام الدولة الآشورية والدولة البابلية)، وفي منطقة وادي النيل (ظهور الدولة الفرعونية)، ولدى الفينيقيين (شرق البحر الأبيض المتوسط) وربما ظهرت المبادلات التجارية بين دول أخرى وفي مجتمعات أخرى ومناطق أخرى في نفس الزمن أو قبل ذلك.

منذ عهد الدولة الفرعونية القديمة 3200 ـ 2280 قبل الميلاد، بدأت مصر في الاتجار مع القبائل المرتحلة وشبه المستقرة المحيطة بها، والتي لم تكن قد أصبحت دولاً مستقرة في إطار جغرافي متعارف عليه ومقبول إقليمياً، ثم بدأت الدولة الفرعونية القديمة بالاتجار مع الدويلات الصغيرة التي نشأت على حدودها في الشرق والشمال والجنوب في أفريقيا. وقد أرسل الملوك الفراعنة بعثات تجارية إلى جزر البحر الأبيض المتوسط وبحر ايجه والتي كانت تدين بالولاء لمصر في عهد الدولة الفرعونية القديمة. كما أرسلوا بعثات تجارية إلى المدن التجارية على الشاطئ الفينيقي والتي كانت تربطها علاقات ود وصداقة مع مصر في بعض الفترات أو كانت تدين بالولاء لمصر في فترات أخرى. وكانت مصر تستورد من مدن الساحل الفينيقي وجزر البحر المتوسط خشب الأرز، وبعض السلع الأخرى التي اعتبرت من الكماليات أو السلع الترفيهية، التي يستهلكها الأثرياء والكهنة والقصور الملكية. وكانت مصر تصدر القمح، والجعة (البيرة) والحلي والأسلحة وخاصة الخناجر وفؤوس القتال. وكان لمصر أسطول تجاري ضخم يجوب جزر البحر المتوسط وموانئ فينيقيا والموانئ المصرية. وكانت عمليات التجارة الخارجية التي تمت في عهد الدولة الفرعونية القديمة قد نفذت من خلال المقايضة بشكل أساسي). [5]

[1] – دكتور كامل بكري، مبادئ الاقتصاد، الدار الجامعية، بيروت 1987 ص 476.

[2] – د. هانز ياخمان، العلاقات الاقتصادية الخارجية للدول النامية، ترجمة الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1977 ص 9 وما بعدها.

[3] – انظر، دكتور صبحي تادرس قريصة والدكتور مدحت محمد العقاد، مقدمة في علم الاقتصاد، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت 1983 ص 391.

[4]  – أحمد النجار، التجارة الدولية، سلسلة المعارف العدد 19، منشورات الغالي، القاهرة 1995 ص 4.

[5]  – المصدر السابق، ص ص 4 – 5.

 

رابط تحميل الدراسة بصيغة P D F :

التجارة الخارجية العربية ودرجة اندماج الاقتصادات العربية بالاقتصاد العالمي

 

التجارة الخارجية العربية ودرجة اندماج الاقتصادات العربية بالاقتصاد العالمي

Contents

أولاً – ظهور الحاجة للمبادلة والتجارة بين المجتمعات: 2

ثانياً – ظهور أول نظام جمركي في العالم: 4

ثالثاً – تطور المبادلات التجارية بين المجتمعات: 4

رابعاً – الاندماج في السوق العالمية: 5

خامساً – مؤشرات رغبة أو ميل أي دولة للتجارة مع الدول الأخرى: 6

1 – مؤشر الميل للتجارة الخارجية: 7

2 ـ مؤشر الميل للتصدير: 8

3 ـ مؤشر الميل للاستيراد: 9

سادساً – أثر أسعار الصرف في المبادلات التجارية بين الدول: 10

سابعاً – العلاقة بين التجارة الخارجية والنمو الاقتصادي: 12

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

تسعة + 4 =

آخر الأخبار