استراتيجية تنمية الموارد البشرية في سورية

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري

استراتيجية تنمية الموارد البشرية في سورية

استراتيجية الموارد البشرية - الإدارة عن جدارة - Management with Merits

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري

لا بد أن تكون تنمية الموارد البشرية في سورية تنمية مترابطة متكاملة في جوانبها الأساسية، كالسياسات السكانية، والخصائص الهيكلية للقوى العاملة، وسياسات التربية والإعداد والتدريب، وسياسات الاستخدام، على أن يتم ذلك كله في إطار الخطط الاقتصادية والاجتماعية الشاملة ومن خلال الأهداف الاستثمارية والإنتاجية، وضع أي إستراتيجية لتنمية الموارد البشرية يجب أن تتضمن:

  • تحقيق التطور النوعي للقوى العاملة العربية ورفع كفاءاتها ومهاراتها في شتى قطاعات النشاط الاقتصادي، بما ينسجم مع مستلزمات تحقيق التنمية الشاملة، وهذا يتطلب رفع إمكانيات التأهيل والتدريب وتوسع قاعدتها بحيث تشمل مختلف أصناف المهن ومستويات المهارة والاختصاص.
  • تأهيل القوى العاملة العربية لاستخدام التقدم التقني والثورة العلمية في عملية التنمية الشاملة وجعلها في مستوى يمكنها من الإسهام في تطوير التكنولوجيا وتوطينها وابتكارها.
  • تحقيق التوازن في سوق القوى العاملة، تحقيق التوازن بين عرض القوى العاملة والطلب عليها بهدف التوصل إلى الاستخدام الأمثل لقوة العمل.
  • مكافحة الأمية ونشر الثقافة العمالية بهدف النهوض بمستوى الموارد البشرية وتنميتها.

شروط نجاح استراتيجية تنمية الموارد البشرية:

تبني سياسة لتنمية الموارد البشرية واضحة المعالم والأهداف تنسجم مع السياسة العامة للدولة، وتتكامل مع خطتها التنموية، آخذة بعين الاعتبار الخصائص المميزة للمجتمع لتكون منطلقاً لأهداف تنمية الموارد البشرية. باعتبارها أحد المكونات الأساسية لعملية التنمية الشاملة بغية الارتقاء بنوعية الحياة للمواطن وتلبية الاحتياجات الآنية والمستقبلية للسكان.

تحديد دور عملية تنمية الموارد البشرية في بلورة ملامح التنمية الشاملة الملبية للاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للسكان نظراً لكونها إطاراً للتوعية بالقضايا المرتبطة أساساً بعملية التقدم.

‏تطوير نظام التعليم والتأهيل والتدريب في سورية وتوفير الإطار المؤسسي لها ضماناً لاستمراره والتوسع في تطبيقه كبرنامج وطني مترابط مع غيره من البرامج الإنمائية للدولة.

‏زيادة المخصصات المالية في الميزانية العامة لتمويل البرامج الوطنية لتنمية الموارد البشرية.

‏التنسيق والتكامل بين السياسات السكانية وسياسات الاستخدام والقوى العاملة وسياسات التعليم واستراتيجية التنمية، باشتراك مختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية المعنية بتنمية الموارد البشرية وبرامجها الوطنية.

‏وجود جهاز مؤسسي يتولى الإشراف على برامج تنمية الموارد البشرية في الدولة ويتابع تنفيذها وتقويمها، ويقوم بالتنسيق فيما بينها وبين جميع البرامج التنموية ذات الصلة بهدف رفع مستوى أدائها وتلافي التكرار والتعارض فيما بينهما.

عملية بناء الإنسان عملية شاقة جداً وتتطلب العديد من الجهود، ولا يمكن الاستفادة القصوى من الطاقات البشرية إلا من خلال بناء الإنسان عن طريق التعليم والتأهيل. وهذا يتضمن محاربة الأمية والقضاء عليها وتطوير ملكات النقد والتعبير والإبداع، إضافة إلى ذلك يحتاج بناء الإنسان إلى توفير الغذاء الكامل، رفع المستوى الصحي، وتأمين الوقاية والعلاج من الأمراض. بصورة إجمالية تأمين الحاجيات الإنسانية الضرورية التي تحفظ كرامة الإنسان.

ولابد من التأكيد على التنسيق والتكامل بين مختلف الجهات المعنية لأنه أحد جوانب خطة تنمية الموارد البشرية التي لابد أن تكون شاملة، ولابد أن تكون مكوناتها متآزرة تسير بخطى متوازية متناسقة، وتلك هي مهمة التخطيط الشامل للتنمية وما وراءه من أهداف اقتصادية واجتماعية بعيدة المدى ومتوسطة المدى.

اقتراحات لرفع فعالية الثروة البشرية في سورية:

من الممكن تقديم بعض الاقتراحات التي من شأنها رفع فعالية الثروة البشرية في سورية للإسهام بشكل أكثر في عملية التنمية الشاملة، وتحقيق التوزيع الجيد للقوى العاملة، بشكل يتوافق مع متطلبات التنمية.

  • خلق فرص عمل منتجة للأعداد المتوقع أن تدخل سوق العمل في المستقبل القريب ومحاربة التشغيل الهامشي والبطالة المقنعة.
  • العمل على توسيع القدرة الاستيعابية للقطاع المنظم والمنتج وتسهيل الدخول إليه وإزالة العوائق.
  • إنشاء مكاتب تشغيل لتقوم بتجميع المعلومات عن أوضاع العمل والعمال وتزود بها المؤسسة ببث ونشر المعلومات عن أوضاع العمل وسوق العمل في سورية، مع التأكيد على العناية بموضوع البيانات الخاصة بحجم العمالة ومؤشراتها الكمية النوعية والهيكلية.

ولابد من التأكيد على عملية تخطيط القوى العاملة، تلك العملية المنظمة المستمرة التي يتم عن طريقها حصر وتقدير موارد سورية من القوى البشرية، ثم تصنيف هذه القوى لاستغلالها أو توجيهها أو توزيعها بين القطاعات الاقتصادية المختلفة بواسطة هيئة مركزية، ويجب أن يتم هذا وفقاً لخطة محددة وواضحة بقصد تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية محددة أيضاً في أقصر وقت ممكن وبأقل تكلفة اجتماعية واقتصادية كما ويتضمن تخطيط القوى العاملة تحديد احتياجات المجتمع الأساسية في عملية التنمية الشاملة ـ كماً وكيفاً ـ وبخاصة في مجال التعليم والمعرفة والخبرة والتأهيل والتدريب وبيان أساليب تأمين هذه الاحتياجات بغية تحقيق الاستخدام الكامل للقوى العاملة خلال فترة زمنية قادمة ومحددة.

لا يزال دور العنصر البشري في التنمية الشاملة دون المستوى المطلوب، بل يشكل في بعض الأحيان عبئاً على عملية التنمية، وبخاصة في حال تدني مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي، وارتفاع نسبة الإعالة، واتساع الفجوة بين مخرجات النظام التعليمي والاحتياجات البشرية للتنمية الاقتصادية إضافة إلى ضعف أجهزة تخطيط وتنفيذ تنمية الموارد البشرية في. لا شك أن ارتفاع معدل النمو السكاني في مثل هذه الظروف يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاجتماعية.

يتطلب وضع مثل هذه الاستراتيجية توفير البيانات والمعلومات، وتحديد الاتجاهات المستقبلية للتنمية الشاملة، ووضع صيغة علمية وعملية لانتقال قوة العمل بين الدول العربية، ووضع الحلول للحد من هجرة العقول.

لابد من التأكيد على دور العمل العربي المشترك في مجال تنمية الموارد البشرية، سيما وأن جامعة الدول العربية والمؤسسات التابعة لها والمؤتمرات أوصت بذلك، فقد أقرت وثيقة العمل الاقتصادي القومي واستراتيجية العمل الاقتصادي المشترك في عام 2000 وبخاصة في قسم الأهداف وقسم البرامج، ضرورة الاهتمام بالموارد البشرية والقوى العاملة وتنميتها وأولتها اهتماماً كبيراً.

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري

كلية الاقتصاد – جامعة دمشق

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

أربعة × اثنان =

آخر الأخبار