رواد الفكر الاقتصادي – ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد بن محمد

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري

رواد الفكر الاقتصادي – ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد بن محمد

ابن خلدون أبو علم الاجتماع من رواد الفكر الاقتصادي

ابن خلدون (732 – 808 هـ) (1332 – 1406 م)

ولد العلامة عبد الرحمن بن محمد بن محمد، ابن خلدون أبو زيد، ولي الدين الحضرمي الإشبيلي ابن خلدون، في مدينة تونس عام 732هـ/1332م، حيث كانت هذه المدينة مركزاً للعلماء يقصدونها من مختلف أنحاء المغرب.[1]  كما وفد عليها عدد من علماء الأندلس هروباً من الفتن والاضطرابات التي كانت تعم هناك آنذاك. وكان ابن خلدون يُنعت أحياناً بالحضرمي نسبة إلى جده الأعلى وائل بن حجر، وهو يماني من حضرموت. [2]

– ابن خلدون التلمذة والطموح:

تتلمذ ابن خلدون على أيدي عدد من العلماء والمفكرين منهم محمد بن عبد المهين الحضرمي ومحمد بن إبراهيم الآبلي ومحمد بن بزال الأنصاري وغيرهم. وقد درس ابن خلدون تعاليم الدين من خلال القرآن والشريعة والفلسفة. ومنذ أن بلغ ابن خلدون الثامنة عشرة من عمره، تخلى “مؤقتاً” عن طلب العلم وآخذ يسعى إلى تولي وظائف الدولة، وأوكل إليه كتابة العلامة عن السلطان المحجور عليه أبي إسحاق في تونس. ثم انضم ابن خلدون إلى بطانة السلطان أبي عنان، حيث لقي إكراماً في قصر السلطان وعينه في المجلس العلمي بفاس، مما أتاح له معاودة البحث والعلم والاتصال مجدداً بالعلماء والأدباء الذين اجتمعوا في المغرب العربي بفاس.

لقد كان ابن خلدون يطمح لبلوغ أعلى المناصب، إن لم نقل بلوغ السلطة نفسها. لقد عينه السلطان أبو سالم في فاس في كتابة سيره، والترسيل عنه، والإنشاء لمخاطباته. وبقي في هذا المنصب نحو عامين، ما لبث بعدهما أن تولى القضاء، فكان فيه كفياً عادلاً. وتنقل ابن خلدون بين بجاية وبسكره وتلمسان.

وفي عام 764هـ. استقال ابن خلدون من مناصبه في فاس وتوجه إلى غرناطة، فاستقبله سلطانها آنئذ محمد بن يوسف بن إسماعيل بن الأحمر النصري وأكرم وفادته. وفي عام 766هـ عاد ابن خلدون إلى بجاية وتولى فيها الحجابة وهو أعلى منصب من مناصب الدولة في ذلك الحين، وهو يعادل منصب رئيس الوزراء في أيامنا. ثم أضاف إليه أعظم منصب علمي عندما أصبح خطيباً لجامع القصبة. (وبذلك أصبح كل شيء في قبضة يده، يصرفه كيف يشاء. فاستبد بأمور الدولة مستخدماً في سبيل ذلك كل ما يملكه من حزم وذكاء). [3]

– مقدمة ابن خلدون:

بدأ ابن خلدون في كتابة مقدمته في عام 775هـ أثناء إقامته في قلعة ابن سلامة ويصف لنا ابن خلدون إقامته في هذه القلعة قائلاً: (وأقمت فيها أربعة أعوام. متخلياً عن الشواغل، وشرعت في تأليف هذا الكتاب، وأنا مقيم بها، وأكملت المقدمة على ذلك النحو الغريب الذي اهتديت إليه في تلك الخلوة، فسالت فيها شآبيب الكلام والمعاني على الفكر، حتى امتخضت زبدتها وتألفت نتائجها).

(كان يكتب مقدمته لكتاب التاريخ العالمي في فترة خمسة أشهر. هذه الوثيقة الرائعة هي خلاصة حكمته وخبرته التي اكتسبها بشق الأنفس. كان يستخدم سياسته وأول ما كان لديه معرفة بأهل المغرب لصياغة العديد من أفكاره. تلخص هذه الوثيقة أفكار ابن خلدون حول كل مجال من مجالات المعرفة خلال عصره. كان يناقش مجموعة متنوعة من الموضوعات. سيناقش التاريخ والتاريخ. كان يوبخ بعض الادعاءات التاريخية بمنطق محسوب. سيناقش العلوم الحالية في أيامه. كان يتحدث عن علم الفلك وعلم التنجيم وعلم الأعداد. سيناقش الكيمياء والكيمياء والسحر بطريقة علمية. كان سيقدم آرائه بحرية ويوثق بشكل جيد “حقائق” وجهة النظر الأخرى. ستكون مناقشته للمجتمعات القبلية والقوى الاجتماعية الجزء الأكثر إثارة للاهتمام في أطروحته. كان ينير العالم ببصيرة عميقة في أعمال وصنع الممالك والحضارات. أطروحته القائلة بأن العرق المحتل سيحاكي دائمًا الفاتح في كل شيء). [4]

أنهى ابن خلدون كتابة مقدمته في منتصف سنة 779هـ.

يظل ابن خلدون أحد النجوم الساطعة التي أسهمت بإغناء الحضارة وعلم الاجتماع والفكر الاقتصادي. ويعد الشخصية الأكثر أهمية وأثر في مجال التاريخ وعلم الاجتماع. ولكي نفهم ما أنجزه ابن خلدون ونقدره، يجب أن نبحث في حياته ونظرياته وأفكاره. عاش حياته باحثاً وملهماً ساعياً للاستقرار وراغباً بالنفوذ. جاء من عائلة علماء وسياسيين وكان ينوي أن يرقى إلى مستوى التوقعات.

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري

[1]  – العسقلاني، ابن حجر، الدرر الكمينة في عيان المياه الثمينة، نسخة مصورة من طبعة حيدر أباد (1929-1930)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، بدون تاريخ.

[2]  – ابن خلدون، عبد الرحمن، مقدمة ابن خلدون، إد. درويش الجويدي، المكتبة العصرية، بيروت، 1995.

[3]  – تيسير شيخ الأرض، ابن خلدون، دار الأنوار، بيروت 1966، ص14.

[4]  – يقول المؤلف في نهاية مقدمته: “انتهيت من تأليف ومسودة هذا الجزء الأول قبل المراجعة والتصحيح، في فترة خمسة أشهر تنتهي في منتصف عام 779 [تشرين الثاني (نوفمبر) 1377). المقدمة، ص 481، المجلد 3، أيضا مقدمات ابن خلدون ص 416.

آخر الأخبار