اللاجئ السوري في ألمانيا قصص لا تصدق !

اللاجئ السوري في ألمانيا قصص لا تصدق !

 شجون عربية 29 يوليو، 2017 

في اليوم الأول لوصوله لبرلين تم نقله إلى ملعب كرة سلة قديم وأعطوه سريراَ وأخبروه أنه مكان مؤقت، لم يكن يعلم أن كلمة مؤقت في قاموس “البيروقراطية” الألمانية قد تعني عاماَ أو وربما عامين.
أتم خالد. أ عامه الأول في ألمانيا و هو لايزال في هذا السكن المؤقت، إحضار عائلته لايزال غير ممكن بسبب تأخر إقامته وعند سؤاله للسلطات عن سبب تأخر الإقامة أجابوه بكل صراحة ” لأن الألمان معروفون بصدقهم” أن الموظفة المسؤولة عن ملفه حصلت على إجازة أمومة لمدة عامين والقوانين الألمانية لا تسمح لمن يأخذ إجازة لأي سبب كان أن ينوب أحد عنه .

ولكن بدلا من الانتظار و التحسر ولوم حظه من هذه الحياة مثلما يفعل الكثيرون، فقد استطاع خالد خلال عام هو الأصعب في حياته أن يصل لمرحلة متقدمة باللغة الألمانية رغم ظروف المعيشة الصعبة، وهو الأن يبحث عن عمل ليكون إنساناَ منتجاَ لا مستهلكاَ، عنصراَ إيجابياَ لا سلبياَ، رغم سوء المكان الذي حتى تاريخ كتابة هذا المقال لايزال خالد يقطن في الملعب ” المؤقت” الكثير ممن وصل أوروبا خُدع بالجنة المزيفة فمنهم من غادر مُرغماَ ومنهم من غادر لحلمه بأرض الجنة، ولكن يبقى السؤال حتى بعد هذه الصدمة هل نقف ونتحسر على سورية قبل قدوم الخريف العربي؟؟؟

لا على العكس في سورية حرب مستعرة ويوماَ ما ستنتهي، حيث لم يكتب التاريخ عن حرب بدأت ولم تنته، ولكن ماذا سيحصل عندما تنتهي ؟؟؟ لمن هي بحاجة؟؟؟ هل سيقوم بإعمارها غير السوريين؟؟؟ هل هناك من هو أحق بإعمارها من أبناء البلد ؟؟؟

حربنا ستنتهي شئنا أم أبينا، شاءت الدول الكبرى أم لم تشأ ستنتهي و سنعود ونعمرها بسواعدنا، و المطلوب من الشباب السوري الذي يتحسر على سورية كل يوم قبل الخريف العربي أن يبدأ ببنائها و إعمارها حتى قبل نهاية الحرب بإعمار نفسه أولاَ، بطلب العلم و الشهادات و اكتساب خبرات جديدة، ليقوم بنقلها لسورية بعد توقف الحرب و البدء بالإعمار، فالإعمار بحاجة سواعد و أدمغة.

هنا يكمن دور الشباب السوري المهاجر أو المقيم حاليا في المغترب، أن يستغل كل لحظة خبرة فيكتسبها، أن يستغل كل لحظة بإمكانه تعلم أي شيء فليتعلمه ليعود به الى سورية و يستغله، و التاريخ شاهد لكثير من الدول التي ما إن هدأت الحرب بها حتى عاد أبناؤها وقد اكتسبوا أعنى الخبرات فطبقوا هذه الخبرات على دولهم بدءاَ بألمانيا و انتهاءَ بالكويت .

من يعيش في ألمانيا يرى الكثير من النماذج السورية التي بعض منها استطاع الاندماج بمجتمع جديد كلياَ و وجد مكاناَ له و أصبح منتجاَ، ومنهم من لايزال يتحسر نادماَ على مغادرته بلده.
أويس. ش درس ثلاثة أعوام طب أسنان في روسيا ولكن ما إن استعرت الحرب في سورية و توقف إنتاج المعمل المملوك لوالده في سورية حتى بدأ يحس بالضيق و الثقل على عائلته، حيث يقوم والده بإرسال 200 دولار أميركي كل شهر له، فوجد نفسه محرجاَ هو ذلك الشاب المغترب الذي يتوجب عليه أن يُعين اهله وليس العكس، فقرر مغادرة روسيا و التوجه إلى ألمانيا لاعتقاده أنها أفضل له حيث ستقوم الحكومة بتعليمه و إطعامه مجاناَ دون أن يلجأ لوالده، وفعلاَ توجه إلى ألمانيا وكله أمل بأعظم بلد في القارة العجوز.

انتظر أويس عامين حتى حصل على حق الإقامة والسماح له بالبدء بالدراسة وتعلم اللغة ليعود للجامعة، كنت قد التقيته بعد وصوله لألمانيا بشهرين ورأيت به هذا الشاب السوري الطموح الحالم الذي رأيت مستقبل سورية بين يديه، الذي ما فتىء يردد سأنال شهادة طب الأسنان في برلين و سأفتتح أول عيادة لي في دمشق.


عدت و التقيته بعد عامين بعدما علمت من أحد أصدقاءه أنه حصل على حق الإقامة لأبارك له، ولكن صُدمت!!! حيث لم أرى أويس الذي التقيته قبل عامين ورأيت به مستقبل سورية، فدار الحديث التالي:

– كيف حالك يا دكتور أمازلت لا تقبل الا بمناداتك دكتور؟ ألف مبروك وها أنت صبرت ونلت ولكن ماالذي غير حالك ؟

– ما من شيء تغير على ما يبدو أنت بحاجة ارتداء نظارتك الطبية بالفعل لم أكن أرتدي نظارتي فقمت بارتدائها، فهو الطبيب وأكيد على حق!

ولكن لم يتغير شيء هنالك شيء تغير به فعندما التقيته كان أشقر اليوم تغير لونه فصار أسمر
– يا رجل لقد تغير مظهرك بالكامل أخبرني هل بدأت بإجراءات التسجيل بالجامعة؟

– ههههه منذ عامين و أنا أنتظر أن أحصل على الإقامة لاستكمال دراستي و أستكمل حلمي و لكن يا صديقي قتلوا حلمي… قتلوا الأمل، لم يعد لي طاقة على الدراسة و أنا أعمل حالياَ بمجال البناء و أعتقد أني سأستمر بهذا المجال

– مجال البناء؟؟؟ هل قررت دراسة الهندسة بدلاَ من الطب؟؟؟ نعم هو اختصاص جيد أيضاَ ونحن بحاجة للكثير من المهندسين في الأيام القادمة.

– لا لا أعمل كالعمال في نقل الأتربة و الأعمال المشابهة البسيطة، لم استطع الانتظار عامين دون فعل شيء

– وحلمك؟؟؟؟ وحلم الشباب؟؟؟

– قتلوا حلمي…. قتلوا طموحي…. بقيت عاماَ و أنا أردد لن أتراجع عن حلمي… ولكن قتلوا حلمي.
نعم هذا غيض من فيض لكثير من الطاقات و الكنوز الدفينة في القارة العجوز..

آخر الأخبار