قمة ألاسكا   2025 القضايا الاقتصادية والتجارة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والحرب في أوكرانيا،

قمة ألاسكا   2025 القضايا الاقتصادية والتجارة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والحرب في أوكرانيا

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري

حملت قمة ألاسكا 2025 بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين رسائل إيجابية وودية لتجاوز مرحلة المواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا، ووضعت أساساً لتطبيع العلاقات الاقتصادية والتجارية وتطويرها، مع الاعتراف بأن المرحلة لا تزال في بدايتها، وتحتاج الملفات الأكثر حساسية كالعقوبات المفروضة على روسيا والحرب في أوكرانيا إلى تفاوض مكثف وحلول عملية. كما شهدت القمة نقاشاً معمقاً حول القضايا الاقتصادية والتجارية بين الولايات المتحدة وروسيا، إلى جانب الملفات الدولية السياسية والأمنية.

ناقشت قمة ألاسكا   2025 على نحو موسع الحرب في أوكرانيا والقضايا الاقتصادية والتجارية بين البلدين، مع تركيز خاص على ملف العقوبات وتأثيرها على الاقتصاد الروسي، مع التأكيد على أهمية تحسين العلاقات التجارية في المستقبل والحفاظ على الحوار بين القوتين العظميين.

أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “أن المحادثات تؤسس لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة، وأن اللقاء جرى في أجواء من الاحترام المتبادل”. كما أكد أن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة وصلت لأدنى مستوى في الفترة الأخيرة، بعد توتر واستنزاف خلال السنوات السابقة. لذا أصبح من الضروري تصحيح مسار العلاقات والعمل المشترك اقتصاديا، والبدء في العمل المشترك، خصوصاً في الجانب الاقتصادي والتجاري.

تم الاتفاق على وضع أسس جديدة لعلاقات اقتصادية وتجارية أكثر استدامة بين البلدين، عبر اتصالات مباشرة وشفافة بين الرئاسة وفرق العمل الوزارية، مع تركيز خاص على الاستثمارات في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والتبادل التجاري في مناطق استراتيجية مثل القطب الشمالي.

وردت خلال القمة إشارات حول إمكانية تحسين التجارة والاستثمار بين الدولتين، مع التركيز على المجالات التي يمكن أن تحقق مكاسب مشتركة رغم التوترات السياسية.

أثناء اللقاء كشف بوتين أن حجم التجارة بين البلدين ارتفع بنسبة 20% في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة، رغم أن التعامل التجاري ما يزال رمزياً إلى حد كبير حتى الآن. وأكد الجانبان إلى وجود إمكانيات كبيرة أمام الشراكة الاستثمارية بين الولايات المتحدة وروسيا. وأعرب بوتين عن أمله بأن تمثل اتفاقيات القمة بداية لاستعادة العلاقات التجارية بين البلدين. وأكد ترامب أن الاجتماع كان مثمراً للغاية وتم الاتفاق على العديد من النقاط في المجال الاقتصادي والسياسي.

كان موضوع العقوبات الأمريكية على روسيا في قلب النقاش بين الرئيسين. حيث يُعد هذا الملف أساسي بالنسبة لروسيا، إذ يعاني الاقتصاد الروسي من تبعات العقوبات التي تؤثر على صادرات النفط والغاز، ويُباع النفط الروسي بأسعار منخفضة نتيجة سقف سعري أوروبي. الأمر الذي دفع بوتين لطرح الاجتماع كمبادرة لمناقشة هذه القضايا وفك الاحتقان التجاري. لكن ترامب ربط الغاء هذه العقوبات بتحقيق تقدم في وقف إطلاق النار في أوكرانيا.

وشدّد الطرفان على أهمية مواجهة الأزمات وتجاوز العداء من خلال الحوار والعمل على الملفات العالقة، سواء الأزمة الأوكرانية أو القضايا الاقتصادية.

أكد الطرفان على أهمية استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين وهو ما يعد مؤشراً على بداية انفتاح وتطبيع علاقات النقل والتجارة. حضر إلى جانب الرئيسين وزراء المالية والتجارة ووزير الخارجية والدفاع، مما يعكس جدية التركيز على الملفات الاقتصادية والتجارية العديدة.

في المؤتمر الصحفي بعد القمة، أشاد المسؤولون من الطرفين بأجواء اللقاء التي وصفت بأنها ممتازة وعملية، مشيرين إلى وجود إرادة حقيقية لمتابعة وتعزيز التعاون الاقتصادي. واعتبر البيت الأبيض القمة بأنها “تاريخية”، وبأنها قد تكون بداية لإنهاء عزلة موسكو السياسية والاقتصادية عن الغرب، مع توقعات بفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي في المستقبل. ركز بوتين خلال اللقاء على الأهمية التاريخية والثقافية لألاسكا، وتحدث عن إمكانية جعلها منصة لاستئناف العلاقات التجارية والبناء عليها لتحقيق تعاون أكبر بين البلدين في المستقبل.

رغم الإيجابيات التي أُعرب عنها الطرفين خلال وبعد القمة، لم يتم التوصل إلى اتفاقات كبيرة بشأن الحرب في أوكرانيا أو رفع العقوبات بشكل فوري. لكن ترامب أشار إلى وجود “تقدم كبير” في المحادثات مع بوتين، مع إمكانية عقد لقاءات مستقبلية لتعزيز التعاون.

وضعت قمة ألاسكا 2025 إطاراً جديداً للتعامل الاقتصادي بين الولايات المتحدة وروسيا، مع الإقرار بأن الطريق لا يزال طويلاً، لكن تمت مأسسة الحوار المباشر وتم الاتفاق على تطوير التعاون الاقتصادي والتجاري، وتعليق بعض التصعيد الذي كان يهدد الاستثمارات والتجارة بين البلدين في الفترة الأخيرة. مما سبق يتضح أن القمة كانت نقطة تحول في العلاقات الاقتصادية، لكنها لم تصل لقرارات حاسمة وفورية، بل ركزت على بناء جسر للحوار وتجاوز الملفات العالقة.

بذلك، شكلت قمة ألاسكا 2025 محطة مهمة في مسار تطبيع العلاقات الاقتصادية الأمريكية الروسية، مع التزام مشترك بالبدء في بناء جسر للتعاون يمتد إلى عدة قطاعات اقتصادية وتجارية بعد أعوام من التوتر والعزلة المتبادلة بين البلدين.

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري

كلية الاقتصاد – جامعة دمشق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

ستة + خمسة =

آخر الأخبار