معوقات التنمية الزراعية في الوطن العربي

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله ألكفري

معوقات التنمية الزراعية في الوطن العربي

إستراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة )2030-2020(

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله ألكفري

استمرت الزراعة العربية تعاني من مشكلاتها المتعددة سواء الطبيعية منها المتعلقة بالموارد المائية والجوية ونقص العناصر الغذائية في التربة وزيادة الملوحة وإعادة التمليح، أو الاقتصادية المرتبطة بتفتيت حجم الحيازات الزراعية في إطار انتشار الملكية الخاصة، وتخلف أساليب الإنتاج الزراعي، بالإضافة إلى المشكلات الاجتماعية، وخاصة سوء التوزيع، استمرار ضعف البنى المؤسسية وقصور التنمية الإنسانية في ظل غياب متطلبات التنمية الريفية المتكاملة، لذلك لا بد من  التأكيد على الجهود الزراعية المشتركة من خلال التكامل الاقتصادي العربي للتغلب على هذه المشكلات والقضاء عليها.

أهم المعوقات والأسباب التي أدت إلى انخافض الإنتاجية وتزايد العجز في سد احتياجات السكان من المواد الغذائية على المستوى القطري وعلى مستوى الوطن العربي:

  1. معوقات في مجال استعمال الموارد في إنتاج المواد الغذائية، وهذا يشمل مياه الري وأنظمة الصرف، خصائص الأرض الزراعية واستعمالاتها، النمط المحصولي وقابلية الأرض لإنتاج محصول دون آخر، ضعف الإجراءات والتشريعات لحماية مصادر إنتاج الغذاء.
  2. معوقات في مجال التسويق والسياسات التموينية وهذا يتضمن السياسات السعرية للمنتجات الغذائية وخاصة الزراعية، (انخفاض الأسعار بصورة عامة)، اللجؤ إلى سياسات تموينية مهنية على الاستيراد، ضعف الإمكانيات المتمثلة بعدم توفر الأسواق المركزية المنظمة وانخفاض مستوى الخدمات التسويقية، صعوبة تبادل المنتجات  الغذائية والاتجار بها بين أقطار الوطن العرب بسبب القيود التي تفرضها السلطات المحلية في كل قطر.
  3. معوقات في مجال استخدام المدخلات أو مستلزمات الإنتاج بما في ذلك البذور والاشتال، الآلات الزراعية، الأسمدة الكيماوية والمبيدات.
  4. معوقات في مجال استخدام العلوم والتقنية الحديثة في عمليات الإنتاج، وهذا يتضمن عدم وجود مؤسسات أو ضعف دورها في تقديم الخدمات التقنية مما يؤدي إلى استيراد التقنية من خارج الوطن العربي.
  5. تخلف اقتصاديات الإنتاج الحيواني.
  6. عدم وجود تنسيق وتكامل بين قطاعي الزراعة والصناعة والضعف في تأمين الحاصلات الصناعية من الزراعة.
  7. إغفال السياسات الزراعية الحكومية في حال وجودها ـ لأهمية دور الدولة في ضبط إيقاع التنمية الزراعية لتتوافق مع التنمية الشاملة والاحتياجات الفعلية لتأمين الأمن الغذائي . وبخاصة السياسات التالية:
    • سياسات التسعير.
    • السياسات المالية وبخاصة المتعلق منها بالضرائب.
    • سياسة الدعم وتشجيع الزراعة.
    • سياسة التصنيع الغذائي.
    • سياسة استخدام المكننة الزراعية.
  8. ضعف مؤسسات إدارة النشاط الزراعي ، وتداخل الصلاحيات.
  9. عدم مراعاة برامج الإصلاح الاقتصادي التي تم اعتمادها في بعض الدول العربية خصائص الزراعة العربية.
  10. ضعف وسائل التسويق للمنتجات الزراعية ، وبخاصة المحاصيل الموسمية.
  11. تدني الإنتاجية في قطاع الزراعة.
  12. ضعف سياسات التخزين وبخاصة وسائل التخزين من الاهراءات والصوامع، ووسائل التخزين المبرر للخضار والفواكه والمنتجات الحيوانية ( اللحوم والألبان ) . مما قد يؤدي إلى هدر أو تلف قسم من الغلال.
  13. ضعف التصنيع الغذائي في الوطن العربي.
  14. ضعف استخدام المكننة الزراعية والنقص في الآلات والمعدات الزراعية في معظم الدول العربية.

ليس هذا فحسب، بل أن قصور نمط التنظيم الاجتماعي والاقتصادي لقطاع الزراعة، يعتبر من العناصر الأساسية في أزمة الإنتاج الزراعي في الوطن العربي. إن قصور الإنتاج الزراعي لا يرجع إلى قصور كميات الموارد الطبيعية والعينية المتاحة والمستخدمة. بل أن جميع العوامل المذكورة أعلاه متشابكة أدت إلى قصور الإنتاج الزراعي وعدم التوازن بين الإنتاج الغذائي والطلب على السلع الغذائية في الوطن العربي. [1]

كما واجه الاستثمار الزراعي العربي ثلاثة أنواع من المعوقات التي حدت من إمكانيات تطويره وأهمها:

  • الظروف الاستثمارية المناوئة التي تمثلت في قصور السياسات الزراعية والاقتصادية والمالية والنقدية والمؤسسية والمرفقية بالإضافة إلى نقصان القوانين والتشريعات المناسبة، والمعوقات الناجمة عن الضرائب والرسوم والتعريفات الجمركية.
  • نقصان المعلومات الكافية عن فرص الاستثمار، وإقامة المشاريع بصورة عفوية من دون دراسة الأسواق والاحتياجات والمتطلبات قبل الشروع بالاستثمار. والسبب الرئيسي في ذلك هو ضعف وتخلف هياكل وخدمات المؤسسات الحكومية العاملة في القطاع الزراعي وخاصة التسويقية منها .
  • القيود القطرية المعرقلة لحركة الاستثمار الزراعي البيني العربي وأهمها محددات الاستثمار التشريعية والقيود التجارية التعريفية والإدارية الأمر الذي أدى بدوره إلى إهمال تطوير مرافق الربط الأساسية بين البلاد العربية”. [2]

يتعين على الاستثمارات الجديدة أن تواكب احتياجات الطلب المتصاعدة وان تراعي شروط التنمية الزراعية المستدامة. ذلك أن الاعتماد الأكبر في المستقبل سيكون على الاستثمار في استخدام مزيج من التكنولوجيا المتكيفة مع طاقات الأراضي المحدودة والموارد المائية الشحيحة. كما ستبرز الحاجة إلى زيادة الاستثمار في قطاع ما بعد الحصاد لتلبية الطلب المتنامي للسكان. ومسؤولية القطاع الخاص أن يغتنم الفرص المتاحة بان يعي ويتفهم الاحتياجات من خلال الدراسة الواقعية والمثابرة الجادة، وان يسير مع التطورات ويستبق الأحداث ويخلق القنوات المناسبة للوصول إلى الأسواق . وسيكون على الحكومات أن تلتزم بسياسات زراعية واستثمارية مناسبة، وان تزيد الإنفاق على البنى الأساسية في الريف وان تولي التنمية أهمية كبيرة من اجل تحسين مستوى الأمن الغذائي للسكان وتحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في الزراعة، كما سيكون على الحكومات أيضا أن ترفد إجراءاتها الإصلاحية لتحرير الأسواق ببرامج اجتماعية تنسجم مع الاحتياجات التي تفرزها عمليات التحول والتغيير.

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله ألكفري

كلية الاقتصاد – جامعة دمشق

 

 

 

 

[1]  – انظر، د. إبراهيم سعد الدين ورفاقه، صور المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 1985، ص 72ـ73.

[2]  –  مي دمشقيه سرحال ، المصدر السابق ،ص 4.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

3 × اثنان =

آخر الأخبار