خصائص الاقتصاد السوري

الدكتور مطانيوس حبيب

خصائص الاقتصاد السوري

الدكتور مطانيوس حبيب

منذ عام 1958 مع إقامة الوحدة مع مصر بدأ الاقتصاد السوري يأخذ طابع الاقتصاد الموجه ومنذ عام 1961 بُدِئ بإعداد الخطط الخمسية فكانت الخطة الأولى (1961 ـ 1965) وتتالت الخطط حتى نهاية عام 1985، ومنذ عام 1970 بدأ الاقتصاد السوري السير باتجاه تحرير النشاط الاقتصادي وبدأت الحكومة منذ ذلك التاريخ تفسح في المجال أمام القطاع الخاص أكثر فأكثر لتولي مهام تنمية الاقتصاد الوطني إلى جانب القطاع العام. وهكذا اعتمد الاقتصاد التعددية منهجاً في التطور بهدف تعبئة كل الموارد المتاحة لتحقيق معدلات نمو مرتفعة في الانتاج.

مع كل الجهود المبذولة ما يزال دخل الفرد متدنياً (حوالي 1200 دولار) في السنة مقابل (20000 دولار) للفرد الأوربي بالمتوسط.

والاقتصاد السوري يعاني من عبء المديونية الخارجية ويعتمد على الموارد الخارجية لتمويل عملية التنمية، فقد بلغ مستوى المديونية الخارجية (نسبة الديون إلى الناتج المحلي 33%) في عام 1988 كما بلغ معدل خدمة الدين لنفس العام (24%) ومن المؤكد أن هذين المؤشرين قد ارتفعا في الوقت الحالي (تستعد سورية لتسديد 40 مليون دولار حالياً لليابان فقط لقاء خدمة الدين المترتب عليها).

ضعف القدرة على التكوين الرأسمالي الثابت إذ يبلغ نصيب الفرد في التكوين الرأسمالي الثابت في سورية أقل من 75 يورو سنوياً، بينما يبلغ متوسط نصيب الفرد في الاتحاد الأوربي في التكوين الرأسمالي الثابت (2375) يورو ويتجاوز في بعض بلدان الاتحاد (5000) يورو للشخص. وفي ظل تدني المساعدات الأجنبية وتراجع فرص الاقتراض وندرة الاستثمارات الأجنبية المباشرة يلاحظ تراجع في التكوين الرأسمالي الثابت في سورية في الأعوام الأخيرة من 158 مليار دولار عام 1995 إلى 152 مليار دولار عام 1998.

والاقتصاد السوري اقتصاد صغير (ميكروي) بكل المقاييس فمجموع الناتج المحلي الاجمالي في عام 1998 لم يتجاوز 20 مليار دولار وهو أقل من رقم أعمال شركة أوربية متوسطة.

وهو اقتصاد نامي يحتاج إلى ما سماه روزنشتاين رودان بالدفعة القوية لتجاوز عتبة الانطلاق أي أنه يحتاج إلى الكثير من الاستثمارات كي يصل إلى مرحلة النمو الذاتي وتوليد حركية داخلية في ظل ظروف اقتصاد معولم تتنافس فيه القوى الاقتصادية الكبرى.

إنه اقتصاد نصف ريعي (يعتمد في قسم كبير على الثروات الطبيعية والمواد الأولية). زراعي صناعي لم تتحول فيه الصناعة إلى قطاع قائد قادر على تثوير كل الاقتصاد الوطني ومده بالحركية الداخلية فهو غير قادر على الاستغناء عن الدعم الخارجي، القيمة المضافة لا تتجاوز في أحسن الحالات 25% من الانتاج الصناعي وانتاجية العمل متدنية جداً قياساً بالاتحاد الأوربي بنسبة 1 إلى 15 مما يفقده القدرة التنافسية في الداخل والخارج ويجعل الحماية ضرورة اقتصادية خلال مدة من الزمن.

ضعيف الجاذبية للاستثمارات الأجنبية بسبب غلبة القطاع العام وعدم اعتماد اختيار نهائي وحاسم في التحرير الاقتصادي إضافة إلى عدم الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.

يعاني من معدل نمو سكاني مرتفع 3.2% سنوياً مع معدل بطالة غير منخفض، بطالة ظاهرة (20% حسب التقرير الاقتصادي العربي الموحد)، وأخرى مقنعة (العاملون في الزراعة غالباً لا يعملون أكثر من 60 يوماً في السنة) وثالثة بنيانية (اشتغال أعداد كبيرة بإنتاجية عمل ضعيفة بسبب تدني مستوى التجهيز التقني وضعف الكثافة الرأسمالية).

غلبة المؤسسات الصغيرة ذات الطابع العائلي في الاقتصاد السوري وغياب شركات الأموال مثل الشركات المساهمة والشركات محدودة المسؤولية. وهذا من شأنه أن يضعف النشاط الاقتصادي ويقلل من إمكانية المبادرة والتجديد المرتبطة أصلاً بفئة المديرين أكثر من ارتباطها بفئة المالكين.

مع هكذا اقتصاد بهذه السمات وهذا الحجم يصبح السؤال عن جدوى انضمامه إلى الشراكة أمراً مشروعاً إذا لم نقل ضرورياً.

رأي الأستاذ الدكتور مطانيوس حبيب، لروحه السلام، في مشروع الشراكة السورية – الأوربية.

https://www.mafhoum.com/syr/articles/habib/habib1.htm#intro

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

واحد × ثلاثة =

آخر الأخبار