أسباب تخلف البحث العلمي في الجامعات العربية

أسباب تخلف البحث العلمي في الجامعات العربية

لماذا يتهالك البحث العلمي في بلادنا وما هو المخرج من الأزمة؟!

خارج السرب، الاثنين 22/1/2007

د. مصطفى الكفري*

لا تزال الجامعات في معظم الدول العربية مؤسسات حديثة المنشأ. ومع أنها حققت خلال هذه الفترة نقلة علمية متقدمة في التعليم، لكنها لم تصل إلى إحداث الأثر المطلوب في أهداف التعليم العالي الأخرى وبخاصة في مجال البحث العلمي في العلوم الإنسانية والاجتماعية. لقد حققت الجامعات العربية الكم المطلوب للمجتمع العربي من الاخصائيين والمختصين، لكنها لم تستطع أن تحقق النوع، وان برز على الساحة أحياناً بعض الإنجازات النوعية في هذا المجال، لكنها لم تخرج عن كونها استكمالاً لمراحل التعليم التي سبقتها من حيث المخرجات والأهداف التي حققتها. ولم تتمكن الجامعات العربية من تحقيق المطلوب في مجال البحث العلمي وإقامة مراكز بحثية في العلوم الإنسانية والاجتماعية متخصصة. ولابد من الإشارة إلى أن هناك أسباباً تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة وتنحصر في اتجاهين رئيسين هما:‏

1 – أسباب عامة:

تتعلق بسياسة الجامعات العربية وتوجهاتها، فحداثة الجامعات في الوطن العربي استدعت التركيز على التدريس وعدم إعطاء الاهتمام المطلوب للبحث العلمي ويضاف إلى ذلك عدم ربط البحوث العلمية بخطط التنمية الشاملة، إذ تتجه الجامعات ومؤسسات التعليم العربي في غالبية أبحاثها نحو البحث في المفاهيم النظرية البحتة. كما تتركز معظم البحوث فيها لخدمة الباحث فتأتي استكمالاً لنيل شهادة جديدة أو لأغراض الترقيات الأكاديمية والوظيفية.‏

عدم توفر مستلزمات البحث العلمي في أغلب الجامعات العربية ومراكز المعلومات والعناصر البشرية، وخدمات الحاسب. يرافق ذلك نقص في الأمور الإدارية والتشريعية والتنظيمية لعدم وجود برنامج مدروس لأولويات البحوث ومجالاتها، وعدم توفر نواظم واتفاقيات للاتصال بين مراكز البحث العربية، وصعوبة تسويق الأبحاث، وثقل العبء التدريسي المتوجب على عضو هيئة التدريس وعدم وجود خطة للتنسيق بين البحوث والباحثين. يضاف إلى ذلك عدم وجود الاهتمام الكافي بحضور العلماء والباحثين للمؤتمرات العلمية، وعدم توفر المناخ العلمي المناسب داخل الجامعات ذاتها، إضافة إلى ضعف التعاون البحثي مع الجامعات الأجنبية وبخاصة الأوروبية منها. مما يؤدي إلى إعاقة الانتقال الفكري والمعرفي بين أوروبا والوطن العربي وبين الجامعات العربية والجامعات الأوروبية.‏

2 – أسباب خاصة:

تتعلق بمنهج البحث العلمي والعاملين فيه، ويأتي في مقدمتها قلة عدد الباحثين وضعف إنتاجيتهم، وعدم توفر الظروف الملائمة للعلماء والباحثين، وهو ما أدى إلى نشوء ظروف لا تساعد ولا تشجع أعضاء هيئة التدريس في الجامعات العربية على البحث العلمي، منها نقص المراجع العلمية العربية والأجنبية وضآلة المبالغ المخصصة للبحث العلمي في موازنات التعليم العالي في أغلب الجامعات العربية قياساً مع ما تخصصه الجامعات المماثلة في الدول المتقدمة. (فالمبالغ المنفقة على البحث العلمي في الدول العربية لا تتجاوز 0.5 من الدخل القومي في حين تنفق الدول المتقدمة أكثر من 2% من دخلها القومي على البحوث المدنية وحدها. أما الإنفاق على البحث العلمي لكل فرد من السكان فهو لا يزيد على 2.3 دولار في الوطن العربي في حين يتراوح ما بين 50 – 100 دولار للدول المتقدمة).‏

ولعل أخطر مهام الجامعة هي مهمة البحث العلمي، فالجامعة هي المؤسسة التي يوكل إليها مواكبة التقدم العلمي في العالم والعمل على تطويعه واستيعابه وإجراء أبحاث ودراسات في مختلف ميادين المعرفة لكن البحث العلمي في الجامعات العربية، بشقيه البحث في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية والبحث في العلوم الدقيقة أو التطبيقية، لا يحظى بالعناية الكافية سواء من حيث الميزانيات المخصصة له أو من حيث التنظيم أو من حيث مستلزمات البحث والعناية بالعقول والإبداع في الوطن العربي.‏

*جامعة دمشقكلية الاقتصاد‏

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

17 + 4 =

آخر الأخبار