هل يستطيع قادة مجموعة العشرين تحسين نتائج العولمة؟

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري

هل يستطيع قادة مجموعة العشرين تحسين نتائج العولمة؟

قمة قادة دول مجموعة العشرين تبدأ أعمالها في هانغجو الصينية

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري

يسعى قادة مجموعة العشرين، لإيجاد صيغ جديدة ومعاهدات جديدة لتحسين توزيع الثروات او تليين التدابير الحمائية، والوصول إلى حلول لتبديد الريبة المتنامية لمواطنيهم ازاء العولمة وحرية التجارة. وأكد قادة مجموعة العشرين للدول المتطورة والناشئة تصميمهم على محاربة “الهجمات الشعبوية” على العولمة عبر مزيد من الاتصال بشأن منافع التبادل الحر، بحسب ما قالت كريستين لاغارد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي.

يناقش قادة مجموعة العشرين في قممهم عادة موضوع العولمة الذي يعد أكبر معضلة لقادة دول يواجهون تصاعد الشعبوية والعداء للعولمة التي يعتقد مواطنوهم بأنها ليست في مصلحة الناس البسطاء. ولم يعلن شي عن تدابير محددة اتخذها القادة لتحرير التجارة في حين تتهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الصين بارتكاب مخالفات في حين تضع عوائق امام الدخول إلى سوقها الهائلة.

المستشارة الألمانية ميركل أكدت خلال القمة أن العولمة لا تقتصر (على الإيجابيات فهي تسبب كذلك فروقات متزايدة بين المجتمعات السكانية وبين السكان … مكافحة الفروقات مسألة مهمة لضمان وجود علاقة مستدامة بين النمو والعدالة الاجتماعية). وأيدها في ذلك رئيس وزراء كندا جاستن ترودو. (قادة العشرين أقروا جميعهم في هانغتشو بوجود أزمة ثقة وبأن الناس لم يشعروا بفوائد العولمة).

الصين تلعب دوراً أكثر أهمية في النظام الاقتصادي العالمي:

منذ تحوّل أنظار العالم إلى الصين لمساعدته في الخروج من الأزمة المالية في 2008، شعرت بكين أنها تستحق أن تلعب دوراً أكثر أهمية في النظام الاقتصادي العالمي يناسب مكانتها كأكبر ثاني قوة اقتصادية في العالم. وتعد قمة مجموعة العشرين أكبر قمة وأرفعها مستوى تستضيفها الصين في تاريخها. قد لا تكون القمة احتفال تتويج، إلا أن الرئيس الصيني شي جين بينغ يعتزم أن يظهر للعالم ولمنافسيه السياسيين داخل البلاد والمنافسين الاقتصاديين للصين، أن الصين دولة قوية وقادرة ومستعدة للعب دور هام في قيادة الاقتصاد العالمي. وتهدف القمة في دورتها الـ 11 السنوية بمدينة هانغتشو الصينية 2016 إلى بحث السياسات الهادفة لتعزيز الاقتصاد العالم، التي تستضيفها الصين للمرة الأولى. [1]

وخلال حفل افتتاح المؤتمر في مدينة هانغتشو الصينية قال الرئيس الصيني شي جين بينغ: إن الاقتصاد العالمي يواجه تهديداً يتمثل في تصاعد الإجراءات الحمائية التي تفرضها الدول على دخول البضائع الأجنبية إلى أراضيها. جاءت تصريحات الرئيس الصيني بعد محادثاته مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي وصفها بأنها “بناءة للغاية”. ركز الرئيس الصيني بكلمة افتتاح أعمال القمة على ضرورة ان تضطلع الاقتصادات الكبرى الـ 20 بدورها في حماية النمو الاقتصادي. وقال: إن الاقتصاد العالمي “يمر بمنعطف خطر” وتعوقه عوامل مثل تباطؤ الطلب، والتقلبات الكبيرة في الأسواق المالية وضعف التجارة والاستثمار. وأضاف شي “عوامل النمو الناشئة عن التقدم التكنولوجي بدأت في التباطؤ، بينما تبدو ثورة أخرى تكنولوجية وصناعية في طريقها للحدوث.” وعلى الصعيد السياسي والعسكري، الصين ستواصل حماية سيادتها وحقوقها البحرية في بحر الصين الجنوبي.[2]

يتطلب مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية تنفيذ برنامج 2030 للتنمية المستدامة وتحقيق التنمية الشاملة، إضافة إلى دعم تصنيع أفريقيا والبلدان الأقل نمواً والتوسع في الوصول لمجالات الطاقة النظيفة والنهوض بالدمج المالي وتشجيع الشباب لبدء أعمال خاصة. أن هذه الإجراءات سوف تساعد على تخفيض الظلم وعدم التوازن في التنمية العالمية، لفائدة كافة الشعوب والدول وتحقيق النمو. (على مجموعة العشرين أن تلعب دورها على نحو كامل من أجل أن يكون الاقتصاد العالمي في طريق الرفاهية والاستقرار، وعلى مجموعة العشرين أن تكون متغيرة وأن تتحمل الدور الرائد وتشعل النمو الاقتصادي العالمي وتحترم التزاماتها). [3]

مع التأكيد على ضرورة تغيير مجموعة العشرين الكبرى وتحويلها من منتدى للنقاش إلى آلية عمل حقيقية. يجب أن تتوافق مجموعة العشرين مع الواقع الجديد والبحث عن طريق للسير قدماً إلى الأمام. ودعا الرئيس الصيني دول مجموعة العشرين إلى إقامة اقتصاد عالمي منفتح والتخلي عن فرض تدابير حماية جمركية جديدة في مجال التجارة، وشدد على ضرورة مواصلة تبسيط وتحرير التجارة والاستثمار. [4]

اعتمد زعماء قمة مجموعة العشرين في البيان الختامي للقمة فى دورتها الـ 11 السنوية بمدينة هانغتشو الصينية 2016 أكثر من 48 بنداً تعهدوا فيها بتنسيق السياسات واستخدام جميع الادوات النقدية والمالية والهيكلية اللازمة، سواء بشكل فردى أو جماعي، لتحقيق النمو، وأشاروا إلى أنه يجب على السياسات النقدية أن تواصل دعم الانشطة الاقتصادية وتضمن استقرار الأسعار. كما اعتمد زعماء القمة حزمة من السياسات والإجراءات لتحقيق نمو قوي ومستدام ومتوازن وشامل أطلق عليها اسم “توافق هانغتشو” وهي الحزمة التي تستند إلى اربعة اركان أساسية: الرؤية والتكامل والانفتاح والشمولية. [5]

1 – الرؤية: إيجاد قوى جديدة لدفع النمو وفتح آفاق جديدة للتنمية واستخدام اقتصادات دول المجموعة اساليب أكثر ابتكاراً واستدامة لتعكس بشكل أفضل المصالح المشتركة لكل الأجيال الحاضرة والقادمة.

2 – التكامل: ستقوم دول المجموعة بصياغة مفاهيم وسياسات مبتكرة للنمو تعتمد على التنسيق بين السياسات المالية والنقدية والهيكلية وتعزيز الترابط بين السياسات الاقتصادية والعمالية والتوظيفية والاجتماعية، فضلاً عن ضمان أن تكون إصلاحات جانب العرض مرتبطة مع جانب الطلب والاحتياجات الفعلية للسوق وان تكون السياسات على المدى القصير مرتبطة بسياسات المدى المتوسط ​​إلى الطويل وان يكون النمو الاقتصادي مرتبط بالتنمية الاجتماعية وحماية البيئة.

3 – الانفتاح: سيعمل زعماء دول مجموعة العشرين جاهدين لبناء اقتصاد عالمي مفتوح ورفض الحمائية وتعزيز التجارة والاستثمار الدولي عبر مواصلة تعزيز النظام التجاري المتعدد الأطراف وضمان أن تكون هناك فرص واسعة النطاق للتوسع في النمو في ظل اقتصاد يتسم بالعالمية.

4 – الشمولية: أكد زعماء دول مجموعة العشرين حرصهم على العمل لأن يخدم النمو الاقتصادي احتياجات الجميع وان تعود فوائده على كل البلدان والشعوب خاصة النساء والشباب والفئات المحرومة، كما تعهدوا بالسعي لخلق المزيد من فرص العمل الجيدة، ومعالجة عدم المساواة والقضاء على الفقر بشكل شامل للجميع.

ستواصل مجموعة العشرين العمل لتحديد الأولويات بالنسبة للأمن الغذائي والتغذية والنمو الزراعي المستدام والتنمية الريفية كمساهمة هامة في تنفيذ جدول أعمال 2030 للتنمية المستدامة. وأعرب قادة دول المجموعة عن حرصهم على أن يقوم وزراء زراعة دول المجموعة باللقاء بشكل دوري للعمل معاً على تسهيل خطوات التنمية الزراعية المستدامة وتطوير سلاسل مستدامة للقيمة الغذائية بهدف تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الريفية والتخفيف من حدة الفقر.

وتطرق البيان الختامي للقمة الحادية عشرة لمجموعة العشرين إلى العديد من التحديات المهمة التي تؤثر على الاقتصاد العالمي والتي من ضمنها خروج المملكة المتحدة البريطانية من عضوية الاتحاد الأوروبي وهو الأمر الذي ادى إلى زيادة المخاوف بالنسبة للاقتصاد الدولي، حيث أكد قادة المجموعة على قدرة بلادهم على التعامل مع هذا الوضع الجديد وما يترتب عليه من نتائج مالية واقتصادية، معربين عن أملهم في أن يروا في المستقبل المملكة المتحدة تعمل كشريك وثيق الصلة بالاتحاد الأوروبي.

كلية الاقتصاد – جامعة دمشق

[1] – حيث اجتمع عدد من قادة العالم (قادة أكبر 20 اقتصاداً في العالم)،

[2] – http://www.bbc.com/arabic/business/2016/09/160904_g20_leaders_discuss_economy

[3]– كلمة الرئيس الصيني شي جين بينغ في حفل افتتاح القمة.

[4]  – http://arabic.sputniknews.com/russia/20160904/1020061933.html

[5]  – البيان الختامي لقمة العشرين يتعهد باقتصاد عالمي مفتوح،

https://www.albawabhnews.com/2103373

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

14 + 12 =

آخر الأخبار