صيدنايا مقصد عالمي للسياحة الدينية
سلسلة مدن وبلدات القلمون صيدنايا
٩ – مدينة صيدنايا
نور الدين عقيل ابو زياد
مدينة صيدنايا القلمونية
القلمون جيو غرافيك، 24 مايو 2022 ·
تقع مدينة صيدنايا شمال الهضبة الثانية من هضاب القلمون وعلى منحدرات جبلية تحيطها الجبال من ثلاث جهات، وتنفتح باتجاه الجنوب لتشرف على سهل فسيح يحمل اسمها، تقع في شمال شرقي مدينة دمشق وعل بعد حوالي ٢٥ كيلومتر تقريبا.
تعتبر من اهم المناطق القديمة والتي استوطنها الإنسان منذ العصور الحجرية حيث تم اكتشاف بعض أدوات ذلك العصر في بعض مناطقها.
وقد تضاربت الآراء حول أصل تسميتها وتاريخها، فثمة من يقول أن لفظة صيدنايا آرامية الأصل كأكثر نظائرها من أسماء القرى والبلدات والمزارع في الشام مثل : صحنايا – داريا – جمرايا – بيت لهيا – تلفطايا – معلولا، ورأي آخر يقول إن اسمها مشتق من (صيدون) وهو إله الصيد عند الفينيقيين لوجود هيكل قديم لهذا الإله كان على مقربة من دير السيدة، وآخرون أطلقوا عليها (صيد دنايا) أي مكان الصيد، وآخرون يقولون أن اسم صيدنايا قديم جدا فقد ورد في كتاب (الفلسفة في الشرق) لمؤلفه (بول مارسون اورسيل) اسم احد الفلاسفة القدماء وكنيته (الصيدناوي)، اما المطران يوسف داود فيقول : ان معناها تعني (محل الأدوية) او المشفى بسبب موقعها وطيب هوائها.
ومن أسماء صيدنايا أيضا في قول بعض كتبة الكرسي الإنطاكي (دانافا) و (دانايا) بالفاء او الياء كما أشار الى ذلك (بورتر) في كتابه ( خمس سنوات في دمشق ) نقلا عن البطريرك مكاريوس الحلبي .
وأطلق البعض عليها اسم (دانايا) بالياء كما ورد ذلك في المجمع المسكوني المنعقد في خلقيدونية بالأناضول سنة ٤٥١ ميلادية (حيث تم توقيع الأسقف كوستانا أسقف دانايا في أبرشية فينيقية الداخلية التي منها حسب التقسيمات الكنائسية دمشق وجبل سنير (جبل القلمون)، ومن هنا نستدل أن تاريخ دخول المسيحية الى صيدنايا يعود الى القرون الأولى للميلاد، والاسقف (كوستانا) كان اسقفا سريانيا آراميا.
واكد أيضا هذه التسمية (دانايا) كما ورد في كتاب يوناني مؤلف في عهد الامبراطور (لاوون السادس) امبراطور القسطنطينية الملقب بالفيلسوف ٨٨٦ – ٩١٢ م، وفي عهد بطريرك انطاكية (جورجيوس الثالث ٩٠٢ – ٩١٧ م ) يذكر أبرشياته واسقفيات التي منها اسقفية (دانايا) ويوضحها بأنها صيدنايا، ويدعوها باسم (يوسيتيانو بوليس ) اي مدينة يوستيانوس، سماها هكذا مجمع القسطنطينية بالنظر لما بذله هذا الملك من العمران، أما ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان حيث قال عنها : هي موقع بعينه من أعمال دمشق .
شهرة صيدنايا الواسعة أخذت تزداد بعد بناء دير السيدة بها فقد أعطاها شهرة عظيمة في العالم المسيحي وبخاصة بعد انتشار المعجزات التي تداولها الناس وتروى عن ايقونة السيدة العذراء، وتعتبر كنيسة السيدة من أعظم الكنائس في الشرق بعد كنيسة بيت لحم وكنيسة طور سيناء، لذلك كان الملوك والامراء المسيحيون إذا استأذنوا للحج وزيارة بيت المقدس كانوا يطلبون زيارة صيدنايا أيضا.
والمعالم الأثرية في صيدنايا كثيرة أغلبها حصون وكهوف ومعابد وكنائس منها ما يعود الى العصر الآرامي واليوناني والروماني ومنها ما هو أحدث من ذلك، وقد ذكر الرحالة حبيب الزيات ثلاثة وعشرين كنيسة عامرة وخربة إضافة الى أكثر من سبعة معابد تحدث عنها المؤرخون وعلماء الآثار والسياح وأهمها:
– دير السيدة : وقد شيد على قمة صخرة شامخة تكثر فيها الكهوف والقبور وبخاصة في طرفها الشرقي ويعتقد المؤرخون أنها كانت حصنا قديما حول الى معبد وثني ثم تحول الى كنيسة مسيحية، وقد تضاربت الآراء حول بنائه، فمنهم من زعم أنها بنته سيدة بيزنطية في دمشق هجرت الدنيا وأوقفت نفسها للعبادة في هذا المكان، ورأي آخر يقول أن (اوذوكسيا) زوجة الامبراطور تاودسيوس الثاني هي التي بنته عندما زارت القدس عام ٤٣٨ م )، اما في القرن السادس الميلادي فقد ساد رأي مغاير وهو ان الدير المذكور اسسه (يوستنيان)الامبراطور البيزنطي الذي كان يصطاد في هذا المكان فلاحق ظبية الى مكان الدير فتحولت هذه الظبية الى امرأة بيضاء وأمرته أن يبني لها ديرا هناك .
على مائدة الأم الرئيسة فيبرونيا نبهان رئيسة دير سيدة صيدنايا
ومن أشهر مقتنات هذا الدير هي ايقونة العذراء وهي من رسم القديس (لوقا) وقد رويت عنها الكثير من الأساطير والمعجزات.
ومن معالم صيدنايا أيضا كنيسة (بطرس اللولبه) وهي عبارة عن بناء مربع الشكل يعتقد أن أصلها حصنا مبنيا بحجار منحوتة يدخل اليها من باب صغير يؤدي الى درج لولبي يصعد من خلاله الى السطح وهي من الآثار الرومانية القديمة.
وأيضا دير (مارتوما) وهو بناء روماني يقع على مرتفع مشرف على شمال منطقة صيدنايا وبالقرب منه العديد من الكهوف والقبور القديمة.
وأيضا من معالم البلدة (دير الشيروبين) ويقع على قمة ارتفاعها حوالي ١٩٠٠مترا فوق سطح البحر يشرف على غوطة دمشق وسهول حوران ويعتبر من أهم آثار البلدة وقد تم تجديده عام ١٩٨٢ م.
يستشهد الرحالة حبيب الزيات ببعض الكتب التي قال واضعوها ان سكان البلدة هم آراميون وأروام وقد انضم اليهم بعد الفتح الغربي بعص بطون قبيلة (كلب العربية) وغيرهم وقد كانت قبيلة كلب معروفة بنصرانيتها، وقد زار صيدنايا العديد من السياح والرحالة ومنهم الرحالة الروسي الذي زارها عام ١٧٢٥ م فقال أن عدد سكانها حينذاك حوالي ١٧٤٨ نسمة وليس بينهم مسلمون، كما مر بها رحالة عام ١٨٢٥ م وذكر أن عدد سكانها ٣٠٠٠ نسمة ليس فيهم من المسلمين سوى ٤٠ نسمة.
صيدنايا من أجمل مصايف سوريا تستقبل في يوم عيد مولد السيدة العذراء الآلاف من مسيحيي العالم والأقطار العربية وخاصة مسيحيو لبنان،
نورالدين عقيل
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=3285076955082628&id=1593956320861375&locale=hi_IN&paipv=0&eav=AfYQHLoBZdvsTU4ri6I2P6OoIeHHfQV6ziVuQItmYTuoEYxedY2FWUAtJs1sSeTF_Cg&_rdr