محمد يونس.. مكافح للفقر يحمل آمال بنجلاديش في الانتقال السياسي
دبي-الشرق، نُشر:08 أغسطس 2024
محمد يونس.. مكافح للفقر يحمل آمال بنجلاديش في الانتقال السياسي
رئيس الحكومة الانتقالية في بنجلاديش محمد يونس يسير في مطار شارل ديجول بالعاصمة الفرنسية باريس. 7 أغسطس 2024 – REUTERS
رأي المستشار: نادرا ما تكون الثورات الجماهيرية متفقة على البديل للحاكم الذي يسعون لاستبداله، في بنغلاديش كان الأمر مختلف.. فما هو السر في إجماع 160 مليون مواطن على هذا الشخص؟
– قدم “محمد يونس” الكثير لاقتصادات المناطق الأكثر فقراً في العالم، حيث اكتشف في بداية حياته المهنية أن القروض الصغيرة لها تأثير إيجابي على الأوضاع الاقتصادية للفقراء.
– في الوقت الذي امتنعت فيه البنوك عن إقراض الفقراء بسبب ضعف جدارتهم الائتمانية، صمم “يونس” على أنهم جديرون بالاقتراض، وأنشأ بنك جرامين في عام 1979 لإقراض الفقراء قروضا متناهية الصغر تساعدهم على البدء بأعمال بسيطة تدر عليهم دخلا معقولاً.
دبي-الشرق، نُشر:08 أغسطس 2024 ، آخر تحديث:08 أغسطس 2024 06:37
تعلق بنجلاديش آمالها على رئيس الحكومة الانتقالية الجديد محمد يونس، الذي يعد واحداً من أشهر مثقفيها، لإعادة الاستقرار إليها بعدما مزقتها الانقلابات، والاضطرابات السياسية، والتي أدت أحدثها إلى سقوط رئيسة الوزراء الشيخة حسينة بعد 15 عاماً في الحكم.
وعُيّن محمد يونس، الذي ساعده عمله في مكافحة الفقر على الفوز بجائزة نوبل للسلام، رئيساً للحكومة الانتقالية، الثلاثاء، بعد استقالة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة، الاثنين الماضي.
https://asharq.com/?utm_source=KwikPlayer&utm_medium=KwikShare&utm_campaign=KwikMotion
ويعد يونس الذي ظل لسنوات بعيداً عن السياسة، أحد أشهر الوجوه في بنجلاديش، ويتمتع بنفوذ كبير لدى النخب الغربية، واعتبرت وكالة “بلومبرغ”، أن استعادة الحياة الطبيعية في البلاد، لن يكون بالأمر الهين بالنسبة لرئيس الحكومة الانتقالية الجديد.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، أودت الصدامات بين المحتجين، وأفراد الأمن بحياة أكثر من 300 شخص، في واحدة من أسوأ موجات العنف التي ضربت الدولة الجنوب آسيوية عبر تاريخها.
وبينما انتشلت الشيخة حسينة الملايين من براثن الفقر من خلال التركيز على تصدير الملابس، إلا أن عجلة النمو الاقتصادي في البلاد توقفت مؤخراً، ما دفع بصندوق النقد الدولي إلى التدخل بأموال خطة الإنقاذ.
ويمثل تعيين يونس، بدعم من الجيش لقيادة بنجلاديش مؤقتاً “تحولاً كبيراً” في الأحداث، بالنسبة للخبير الاقتصادي، بحسب “بلومبرغ”.
وأمضى يونس خلال العامين الماضيين، جل وقته داخل قاعات محاكم العاصمة دكا، لمواجهة قرابة 200 تهمة بحقه، وحق أشخاص مقربين منه، بينها ادعاءات بـ”غسيل الأموال”، و”الكسب غير المشروع”.
متظاهرون يسبحون في بحيرة بالقرب مقر إقامة رئيس الوزراء السابقة الشيخة حسينة في العاصمة دكا. 5 أغسطس 2024 – REUTERS
ويعتبر محمد يونس، ومؤيدوه، أن حكومة الشيخة حسينة كانت تقف خلف هذه الضغوط القانونية، بحسب “بلومبرغ” التي رجحت أن تكون رئيسة الوزراء قد رأت فيه، تهديداً لسلطتها، برغم أنها نفت هذه الاتهامات.
ويشتهر يونس (84 عاماً) بتأسيسه “بنك جرامين” المتخصص في توفير قروض تجارية صغيرة، للشعب الأكثر فقراً في العالم، ورغم شهرته وتأثيره على الرأي العام، إلا أنه لم يطأ أرض السياسة إلى حد كبير.
وعانت الحكومة البنجلاديشية، عام 2007، من الانقسامات، واستولى الجيش على السلطة، في حين فكّر يونس الذي لم يسبق له الترشح لمنصب الرئاسة، بإنشاء حزب جديد لملء الفراغ السياسي في البلاد، لكنه ألغى الفكرة في نهاية المطاف، وذلك في غضون أسابيع قليلة، وأعرب في مقابلة سابقة مع “بلومبرغ”، عن “عدم شعوره بالارتياح أبداً تجاه السياسة”.
الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما يقدم وسام الحرية لمحمد يونس خلال حفل بالبيت الأبيض في واشنطن. 12 أغسطس 2009 – REUTERS
وترى الوكالة، أن محمد يونس يضفي قوة هائلة على هذا الدور، كما كان خياراً مطروحاً بشكل كبير لدى عدة حكومات غربية، حيث أنشأ خلال السنوات الماضية صداقات مع أفراد من العائلات المالكة في أوروبا، ومع كبار رجال الأعمال، مثل ريتشارد برانسون، وعائلة كلينتون، الذين ساعدوه على توسيع مبادراته الخاصة بالقروض الصغيرة، بحسب “بلومبرغ”.
كما أثنى أصدقاؤه عليه قائلين، إنه يملك “رؤية نادرة”، و”التزام حقيقي” تجاه بنجلاديش من أجل “النهوض بالفقراء”، وذكر بول بولمان، الرئيس التنفيذي السابق لشركة Unilever Plc، والصديق الحميم ليونس، لـ “بلومبرغ”، أنه “صوت الأشخاص المُهمَلين”، واصفاً إياه بأنه “زعيم أخلاقي”.
وساعدت هذه السمعة يونس في كسب قلوب الكثيرين داخل بنجلاديش، بما في ذلك الجيش، الذي دعم في وقت سابق أول دخول له إلى عالم السياسة.
محمد يونس وجائزة نوبل
وخلال العقد الماضي، ركّز يونس على توسيع العشرات من مشاريعه الاجتماعية، بينها تلك التي تقدم الرعاية الصحية المجانية، والتدريب المهني، وخدمات الهاتف للبنجلاديشيين الفقراء، لكنه لم يتضح حينها بعد ما إذا كان سيتجه إلى السياسة بمزيد من العزيمة، أو أنه سيكتفي بملء الفراغ قبل إجراء الانتخابات.
وبعد فوزه بجائزة نوبل للسلام عام 2006، احتشد آلاف البنجلاديشيين لمجرد الاستماع إلى حديثه، فيما لا يزال الكثيرين يلمسون قلوبهم بأيديهم حباً، وامتناناً عندما يرونه.
وبينما احتشد المتظاهرون في شوارع دكا خلال الأسابيع الأخيرة، انتقد يونس تصاعد مستوى العنف ضد المحتجين، ووصف أعمال القمع من قبل نظام حسينة الأمني بأنه “تهديد للديمقراطية”، لكنه لم يعرب عن أي طموحات سياسية، وفي وقت سابق من العام الجاري، أكد لـ”بلومبرغ”، أنه “ليس سياسياً”، وقال: “هذا آخر شيء سأفعله”.
والثلاثاء، قام رئيس بنجلاديش محمد شهاب الدين، بتعيين محمد يونس للإشراف على حكومة مؤقتة استجابة لمطالب المحتجين، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز” التي أشارت إلى أنه بحل البرلمان بات من المتوقع أن يقود حكومة مؤقتة لفترة زمنية غير محددة.
وقال آصف نازرول، أستاذ القانون في جامعة دكا، والذي شارك أيضاً في الاجتماع بالرئيس، لـ”نيويورك تايمز”، “إننا نشكل حكومة في وضع استثنائي”، مشيراً إلى أنه “لم يتم الانتهاء بعد من تحديد فترة ولاية الحكومة”.
وأفاد بعض من حضروا الاجتماع لـ”نيويورك تايمز”، بأنه “سيتم الإعلان عن باقي أعضاء الحكومة المؤقتة خلال الأيام القليلة المقبلة”، وسيتعين على يونس التحرك سريعاً لتعيين أعضاء حكومة الجديدة، من أجل تحقيق الاستقرار في مختلف الوزارات حتى لا يتعثر اقتصاد البلاد، بحسب الصحيفة.
احتجاجات بعد أيام من استقالة رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة في العاصمة دكا. 7 أغسطس 2024 – REUTERS
وأمام يونس مهمتين عاجلتين حالياً، أولاً: إعادة النظام إلى بنجلاديش التي يبلغ عدد سكانها 170 مليون نسمة، بعدما عصفت الاحتجاجات الطلابية، والصدامات العنيفة في مواجهة قوات الأمن، وثانياً: سيتعين على يونس تحديد دور الحكومة المؤقتة حتى إجراء الانتخابات، لاختيار زعيم جديد لبنجلاديش، وفق “نيويورك تايمز”.
ورأت فهميدة خاتون، رئيسة الأبحاث في مركز “حوار السياسات”، أن “إعادة الاستقرار، ومعالجة حوادث العنف والتخريب، ستمثل أولويات قصوى بالنسبة للحكومة المؤقتة”، لافتةً إلى أنه “لا يوجد أي نظام في الشوارع، إلى جانب انعدام الثقة بالشرطة، والأضرار البالغة التي لحقت بالممتلكات”.
ويرى محللون، أن بنجلاديش قد يكون أمامها فرصة لإعادة الانضباط، وقالت سمريتي سينج، المديرة الإقليمية لجنوب آسيا في منظمة العفو الدولية، “إنها لحظة مواتية لأي حكومة مؤقتة جديدة لإظهار تضامنها مع شعبها، وحماية الفئات الأكثر ضعفاً، وعدم تكرار أخطاء الماضي”.
https://asharq.com/politics/96455/%D9%85%D9%86-%D9%87%D9%88-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D9%8A%D9%88%D9%86%D8%B3-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A8%D9%86%D8%AC%D9%84%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%82%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9/
(من هو (محمد يونس) الذي تطالب الجماهير الثائرة في بنغلاديش بتنصيبه رئيسا بعد فرار السفاحة حسينة ؟
نادرا ما تكون الثورات الجماهيرية متفقة على البديل للحاكم الذي يسعون لإقتلاعه، لكن في بنغلاديش الأمر مختلف.. فما هو السر في إجماع 160 مليون مواطن على هذا الشخص؟
إنه مدير (بنك الفقراء) الذي نذر نفسه منذ عام 1976 وحتى الآن لإنتشال الملايين من المعدمين من حالة الفقر المدقع في بنغلاديش بطريقة غاية في الإبداع والذكاء. كان أستاذ اقتصاد في الجامعة ووجد أن ما يدرسه من نظريات اإقتصادية للطلاب متناقض تماما مع واقع المجتمع البنغالي، فقرر الذهاب بنفسه لأفقر القرى المحيطة بمدينته ليعرف سبب الفقر الدائم.
هناك اكتشف أن نساء القرية يحتاجون لأقل من نصف دولار فقط للإستثمار في مواد أولية يمكن أن يصنعوا منها مصنوعات خيزران ليبيعوها، لكن كانوا مضطرين للإقتراض من أشخاص مرابين يأكلون النسبة الكبرى من ارباحهم. قرر في لحظتها أن يقرض 42 من نساء القرية ما مجموعه 27 دولار فقط دون شروط، وكانت النتائج مبهرة.. بعد مدة وجيزة أعاد الكل قيمة القرض وتحققوا لأنفسهم أرباح.
تبلورت عنده فكرة إقناع أحد البنوك بتوسعة الفكرة وإقراض عدد كبير من الفقراء، لكن مدير البنك ضحك من اقتراحه (الساذج) قائلا.. كيف أقرض فقراء دون أي ضمانة لسداد القرض؟ حينها تحمل محمد يونس مسؤولية القرض والضمانات للبنك، وبدأ عمله في إقراض المئات من القرويين مع توعيتهم بالأساليب الأفضل للإستثمار ووضع مخطط مفصل في أسلوب الإقتراض والسداد والإستثمار .
تواصل نجاح الفكرة بشكل مبهر في قرى عديدة، وفي 1976 افتتح محمد يونس أول بنك للفقراء في العالم (بنك غرامين)، ومع نهاية 1981 بلغ مجموع القروض المقدمة 14 مليون دولار، وكانت نسبة 90 بالمية من المقترضين من نساء القرى الفقيرة.
عمل محمد يونس على العكس تماما مما تعمل وفقه بنوك العالم.. فهو يقرض ليس الفقراء إنما (أفقر الفقراء) ممن ليست لديهم ممتلكات أو ضمانات، ويفضل إقراض النساء بدلا من الرجال، السبب أن ربة المنزل حين تحقق أرباح فهي تحرص على أسرتها وأطفالها، أما الرجل فقد يبذر الأرباح. وهو يرفض أسلوب المؤسسات الإغاثية التي تطعم الفقير وتجعله معتمدا دوما على المعونات دون أن يبذل أي جهد، وتتركه في حالة فقر دائم.
يضم بنك غرامين حاليا أكثر من 2600 فرع في بنغلاديش وخارجها، ويعمل لديه 26 الف موظف، وبفضل هذه النجاحات الباهرة حصل محمد يونس على جائزة نوبل للسلام والعشرات من الجوائز الدولية علاوة على 60 دكتوراه فخرية من الجامعات الدولية.
لكن مثل هذا النجاح لم يعجب الخاتونة (شيخة حسينة) رئيسة الوزراء، واكلتها الغيرة والحسد حتى لفقت له تهم ومحاكمات ووضعته قيد الإقامة الجبرية لسنوات.. ومع انتفاضة الشعب البنغالي وهروب السفاحة (حسينة) إلى الهند، تعالت أصوات الشعب مطالبة بتنصيب أبو الفقراء محمد يونس رئيسا انتقاليا ريثما تجري الانتخابات.. فسبحان مقلب الأحوال.
أجمل شي في شخصية محمد يونس انه لم يبحث عن الأعذار ليبرر عدم فعل اي شيء.. كان بمقدوره ان ينسب الفقر إلى الفساد المستشري في بنغلاديش، ودكتاتورية الحكام الفاسدين المتسلطين على رقاب الشعب، ومؤامرات دول الجوار، والمؤامرات الدولية، وكسل الناس عن العمل وووو ….. لكنه شمر عن ساعديه وقام بأعظم إنجاز.. وأنا أنصح بشدة بقراءة سيرة حياة محمد يونس والاطلاع على فلسفته ومخططه للقضاء على الفقر الذي تم إعداده باحترافية رائعة وتفصيلات جميلة). منقول.