داليا عبد القادر حصرية، كيف يمكن للسوريين في الخارج تمويل إعادة الإعمار
منشور جيرود نبض قلبي
داليا عبد القادر حصرية، كيف يمكن للسوريين في الخارج تمويل إعادة الإعمار
تسخير قوة المغتربين: كيف يمكن للسوريين في الخارج تمويل إعادة الإعمار من خلال صناديق استثمارية مُسجلة في الخارج؟
داليا عبد القادر حصرية – مستشارة أولى في شركة إرنست و يونغ (EY)، كندا.
حضرت في واشنطن مناسبتين نظمتهما الجالية السورية في الولايات المتحدة الأميركية بمناسبة زيارة السيد وزير المالية والسيد حاكم مصرف سورية المركزي لحضور اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وقد لفت نظري كفاءات السوريين الموجودين اليوم في الخارج وتنوع اختصاصاتهم وإمكانياته. لذلك ومع خروج سوريا تدريجياً من سنوات الحرب والانهيار الاقتصادي، تبرز الحاجة الملحة لتمويل إعادة الإعمار. وبسبب القيود الكبيرة على الموارد العامة ومحدودية المساعدات الدولية، بات من الضروري البحث عن مصادر بديلة للتمويل. وفي هذا السياق، يظهر دور المغتربين السوريين بوصفهم مصدراً واعداً وغير مستغل بالكامل—فهم مجتمع عالمي غني بالخبرات، ورأس المال، والرغبة الصادقة في المساهمة بإعادة بناء الوطن.
صناديق استثمار المغتربين: فرصة استراتيجية
يمتلك السوريون في الخارج، الذين حقق كثيرٌ منهم نجاحاً ملحوظاً في مجالات الأعمال والتمويل وريادة الأعمال، القدرة على أن يكونوا قوة دافعة في مسار التعافي. ومن خلال تجميع الموارد في صناديق استثمارية مُسجلة في الخارج وتدار بمهنية عالية، يمكن تحويل هذه الطاقات إلى رأس مال فعّال يُوجَّه نحو قطاعات حيوية في الاقتصاد السوري، مثل البنية التحتية، والإسكان، والزراعة، والرعاية الصحية، وتنمية المشاريع الصغيرة.
وعلى خلاف التحويلات المالية التقليدية التي تُستهلك غالباً على مستوى الأفراد، فإن الصناديق الاستثمارية تمثل نموذجاً مستداماً وقابلاً للتوسع، يحقق عوائد اقتصادية طويلة الأمد ويسهم في تعافي الاقتصاد الوطني. كما أن هذه الصناديق تتيح العمل الجماعي وتوزيع المخاطر بين المستثمرين.
الهيكل والحوكمة: وفقاً لأفضل الممارسات العالمية
لكي تنجح هذه الصناديق، يجب أن تلتزم بأعلى معايير الشفافية والحوكمة وإدارة المخاطر. وينبغي أن تُسجَّل في دول ذات بيئة قانونية موثوقة تضمن حماية المستثمرين والامتثال التنظيمي.
تشمل أبرز عناصر النجاح:
1- إدارة مستقلة للصندوق: يُفضل تعيين مدراء محترفين يتمتعون بخبرة في الأسواق الناشئة أو التمويل التنموي، مع ولاية واضحة ترتبط بأولويات إعادة الإعمار.
2- رقابة فعالة: من خلال مجالس إدارة أو لجان استشارية تضم ممثلين عن المغتربين وخبراء مستقلين لضمان المساءلة والشفافية.
3- مؤشرات لقياس الأثر: إلى جانب العوائد المالية، ينبغي قياس النتائج التنموية مثل خلق فرص العمل، وتطوير البنية التحتية، ودعم المشاريع المحلية.
4- أدوات تمويل مرنة: ينبغي استخدام مزيج من أدوات التمويل مثل الأسهم، والسندات، والتمويل الممزوج، لتلبية احتياجات القطاعات المختلفة وفقًا لمستوى المخاطر.
بناء الثقة وتحفيز المشاركة:
لضمان مساهمة فعالة من المغتربين، فإن الثقة والشفافية تشكلان حجر الأساس. فكثير من السوريين في الخارج لديهم تحفظات ناتجة عن المخاطر الجيوسياسية، أو ضعف البيئة القانونية داخل سوريا. ويمكن أن يُخفف تسجيل الصناديق في الخارج واتباع نماذج حوكمة واضحة من هذه المخاوف.
وتشمل استراتيجيات إشراك المغتربين:
1- تنظيم منتديات استثمارية في المدن التي تضم جاليات سورية كبيرة في الخليج، وأوروبا، وأميركا الشمالية.
2- إطلاق منصات رقمية تتيح متابعة أداء الصندوق والتواصل مع المستثمرين بشفافية.
3- عقد شراكات مع منظمات دولية لتقديم الدعم الفني، أو أدوات تقليل المخاطر، أو المشاركة في التمويل.
أثر يتجاوز التمويل:
لا تقتصر أهمية صناديق المغتربين على توفير رأس المال، بل تُعد أيضاً وسيلة فعالة لنقل الخبرات، وتعزيز الابتكار، وربط سوريا بالاقتصاد العالمي. وهي تُجسّد شكلاً عميقاً من الانتماء، قائم على العمل الاستراتيجي لا العاطفة فقط، نحو بناء اقتصاد سوري مرن وشامل. وفي مسيرة تعافي سوريا، قد يكون دور أبنائها في الخارج هو العامل الفاصل. فبناءً على أسس مهنية وتضامن حقيقي، يستطيع المغتربون السوريون أن يكونوا من مهندسي مستقبل الوطن.
كما وردني، صفحة (منشور جيرود نبض قلبي) فيسبوك