برامج التصحيحات الهيكلية والاصلاح الاقتصادي في الدول العربية

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري

برامج التصحيحات الهيكلية والاصلاح الاقتصادي في الدول العربية

جامعة الدول العربية - ويكيبيديا

أدركت الدول العربية أهمية الانفتاح والاندماج مع الاقتصاد العالمي، من خلال السياسات التجارية المتبعة في معظم الدول العربية، وسعى عدد متزايد منها للانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة التي انبثقت عن اتفاقيات الغات بعد انتهاء جولة أوروغواي للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف في عام 1994. (1)

وتشهد الاقتصادات العربية جهودا مكثفة لتحرير التجارة الخارجية ونظم الصرف، وجعل الأنظمة المتعلقة بها أكثر شفافية. واستطاعت بعض الدول العربية من خلال برامج التصحيح التي تطبقها أن تخطو خطوات كبيرة على هذا الطريق، حيث تم إلغاء الكثير من القيود على التجارة الخارجية، كما تم إدخال التوازن في المعاملة بين القطاعين الخاص والعام، وتحرير سعر الصرف وصولاً به، في بعض الدول، إلى تحقيق قابلية عملاتها للتحويل. (2)

ويحتل إصلاح القطاع العام مكانة هامة في برنامج إعادة الهيكلة والتصحيح والتحول إلى اقتصاد السوق في البلدان العربية. لأن الحاجة ماسة لتحسين مستوى الأداء والكفاءة الإنتاجية في مؤسسات القطاع العام وإعادة النظر في أولويات النفقات والاستثمارات الحكومية. ولابد من خلق مناخ مناسب للاستثمار العام والخاص المحلي والأجنبي. في سياق إعادة الهيكلة والتصحيح الاقتصادي والتحول إلى اقتصاد السوق، نستطيع أن نميز بين ثلاث مجموعات من الدول العربية: (3)

أولاً – تصنيف الدول العربية في مجموعات:

المجموعة الأولى – الدول العربية المصدرة للنفط:

وتضم الدول العربية المصدرة للنفط مثل الكويت وليبيا وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وعلى دول هذه المجموعة أن تواجه الآثار المترتبة على تقلبات أسعار النفط، لذلك فإن التصحيح فيها ضروري في اتجاهين :

الأول – المحافظة على سياسة تنويع القاعدة الإنتاجية التي بدأ تطبيقها في منتصف السبعينات بما يقلل من اعتمادها الكبير على النفط.

الثاني – القيام بالترتيبات اللازمة لمواجهة الانتقال من وضع كان فيه دخلها من عوائد النفط يبلغ مائتي مليار من الدولارات إلى وضع انخفضت فيه العوائد إلى أقل من ستين مليار دولار.

المجموعة الثانية – الدول العربية متوسطة الدخل:

وتضم الدول العربية متوسطة الدخل مثل الجزائر ومصر والأردن ولبنان والمغرب وسورية وتونس. ودول هذه المجموعة ليست متجانسة تماماً. حيث نلاحظ فوارق كبيرة بين بلدانها من حيث حجم السكان أو عوائد النفط أو مستوى دخل الفرد. ويتراوح حجم السكان بين أقل من 4 ملايين نسمة وأكثر من 50 مليون نسمة. كذلك يتراوح متوسط دخل الفرد بين أقل من 800 دولار سنوياً في بعضها وأكثر من 1500 دولار سنوياً في البعض الآخر. إلا أن دول هذه المجموعة تشترك بعدد من الخصائص تبرر اعتبارها مجموعة واحدة. فهي تتمتع بقاعدة إنتاجية متنوعة نسبياً كما أنها تمتلك مؤسسات مالية واقتصادية متطورة إلى حد ما.

تواجه دول هذه المجموعة ظروفاً اقتصادية على درجة كبيرة من الصعوبة. وبخاصة الآثار السلبية الناجمة عن تراجع أسعار النفط وتراجع تحويلات العاملين في دول النفط. وكذلك الصعوبات الناشئة عن الظروف غير المواتية والتي تسود الاقتصاد العالمي، وبخاصة كساد أسواق المواد الأولية وتدهور شروط التبادل التجاري. الأمر الذي أدى إلى تزايد حجم المديونية الخارجية وتزايد عبء خدمتها. كما رافق ذلك عجز في الموازنات الحكومية. فلجأت الحكومات إلى تمويل العجز عن طريق الاقتراض من المصارف، وأدى ذلك إلى تزايد كمية النقد المتداول مما أدى إلى ارتفاع كبير في معدلات التضخم والمبالغة في أسعار الصرف، بالإضافة إلى ذلك تعاني دول هذه المجموعة من اختلالات هيكلية تتمثل في تشوهات الأسعار وانخفاض إنتاجية العمل ورأس المال وضعف الكفاءة في القطاع العام الذي يسطر على نسبة كبيرة من النشاط الاقتصادي.

المجموعة الثالثة – الدول العربية منخفضة الدخل:

وتضم الدول العربية منخفضة الدخل مثل موريتانيا والصومال والسودان واليمن وتعتبر مسألة إعادة الهيكلة والتصحيح في دول هذه المجموعة أكثر تعقيداً منها في المجموعتين السابقتين. فهي تعتمد اعتماداً كبيراً على سلعة واحدة أو عدد محدود جداً من السلع ومن ثم فهي أكثر تعرضاً للصدمات الخارجية. وهي تعاني من مديونيات خارجية ثقيلة وحجم من عبء خدمة الديون الخارجية لا يتناسب مع قدراتها الاقتصادية. يضاف إلى ذلك العجز المزمن في الموازنة الحكومية والميزان التجاري وميزان المدفوعات ومعدلات تضخم مرتفعة جداً. كما أن دول هذه المجموعة تعاني من ضعف البنية التحتية والمؤسسات المالية والاقتصادية وانخفاض متوسط دخل الفرد فيها.

ثانياً – أهداف برامج التصحيحات الهيكلية في البلدان العربيــة:

تهدف برامج التصحيحات الهيكلية على المدى القصير إلى إعادة التوازن لميزان المدفوعات وذلك من خلال الضغط على الطلب الداخلي، وتتخذ عادة بعض الحكومات إجراءات عاجلة خاصة تتمثل في تخفيض قيمة العملة المحلية، وخفض الإنفاق العام عن طريق تجميد الأجور والحد من الواردات والاستثمارات.

(1 اقتصرت عضوية الدول العربية في الغات على خمس دول هي : تونس والكويت ومصر والمغرب وموريتانية وانضمت كل من الإمارات والبحرين وقطر إلى عضوية المنظمة العالمية للتجارة وتتفاوض حالياً كل من الأردن والجزائر والسعودية والسودان للانضمام إلى المنظمة .

(2) التقرير الاقتصادي العربي الموحد، ص71.

(3) – ندوة التصحيح والتنمية في البلدان العربية، تحرير سعيد النجار، صندوق النقد العربي، أبو ظبي1987، ص 20-22.

 

رابط البحث بصيغة بي دي أف:  برامج التصحيحات الهيكلية والاصلاح الاقتصادي في الدول العربية

 

برامج التصحيحات الهيكلية والاصلاح الاقتصادي في الدول العربية

Contents

أولاً – تصنيف الدول العربية في مجموعات: 1

المجموعة الأولى – الدول العربية المصدرة للنفط… 1

المجموعة الثانية – الدول العربية متوسطة الدخل: 2

المجموعة الثالثة – الدول العربية منخفضة الدخل: 2

ثانياً –  أهداف برامج التصحيحات الهيكلية في البلدان العربيــة: 3

ثالثاً – سياسات التصحيح وإعادة الهيكلة في الدول العربية: 4

1 – عناصر سياسات التكيف وإعادة الهيكلة في الدول العربية: 4

2 – مراحل تطور سياسات التكيف والتصحيح الهيكلي والتحول إلى اقتصاد السوق، في الدول العربية: 5

3 – معالجة الاختلالات الهيكلية في الاقتصادات العربية: 6

رابعاً – وصفة صندوق النقد الدولي في برامج إعادة الهيكلة والبرنامج البديل: 6

خامساً – الخاتمة: 7

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

4 × خمسة =

آخر الأخبار