
تاريخ إصدار وسك العملات السعودية
مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)،
تاريخ إصدار وسك العملات السعودية
Contents
1 – الملك عبد العزيز يحاول جاهداً إصدار عملة نحاسية لسلطنة نجد: 3
2 – سيادة العملات الأجنبية أهمها التالر النمساوي (دولار ماري تيريز): 3
3 – ختم بعض المسكوكات الشائعة والشعبية المتداولة بكلمة “نجد”: 5
4 – سك النقود التي تلبي احتياجات السوق: 6
5 – الإصلاحات النقدية التي بدأها الملك عبد العزيز: 7
6 – ألغاء التعامل بجميع النقود المتداولة كالعثمانية والهاشمية وغيرها: 7
7 – أول تنظيم للوضع النقدي في المملكة العربية السعودية: 8
8 – الريال الفضي الجديد وأجزائه فئة نصف الريال، وفئة ربع الريال: 9
9 – فئة القرش وأجزائه من فئة نصف قرش وربع فئة القرش: 10
10 – انخفاض قيمة الريال الفضي: 11
11 – إصدار الجنيه الذهبي مشابها للريال الفضي ولم يتم تداوله: 11
12 – إنشاء بنك وطني يصدر الأموال السعودية: 12
13 – إنشاء مؤسسة النقد العربي السعودي: 13
14 – إصدار إيصالات الحجاج التي طرحت للتداول: 14
تاريخ إصدار وسك العملات السعودية
قبل دخول الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل الرياض عام 1319ه (1902م)، كانت البلاد في حالة من الفوضى السياسية، حيث أن البلاد مبعثرة ومتعارضة في آن واحد، والروابط والتماسك مفقودان فيما بينهم. كل منطقة هي كيان مستقل في جميع شؤونها، ناهيك عن أن أيا منها لم يكن لديه أي شيء من الدولة السياسية بمعناها الحالي. وقد انعكس ذلك إلى حد كبير في الأوضاع الاقتصادية، التي كانت تعاني من انهيار في معظم مكوناتها، مما أدى إلى تحول معظم مجتمعاتها إلى قبائل بدوية تعتمد بشكل كبير على نظام المقايضة لإنجاز عملياتها التجارية، وينطبق هذا الوضع بشكل شبه كامل على الأجزاء الداخلية من البلاد.
أدى هذا التراجع السياسي والانهيار الاقتصادي إلى تعطيل عدد من الأنشطة الاقتصادية التي كانت أهم مورد لبعض الكيانات السياسية والقبلية، مما أدى إلى إفلاس الغالبية العظمى من السكان وعدم قدرتهم على دفع الضرائب التي كانت أهم مصدر دخل للإمبراطورية العثمانية في الجزيرة العربية آنذاك، وممثليها في حكم محافظات البلاد. وهكذا ينتظر سكان هذه المحافظات الفرصة والخلاص من هذا الحكم الظالم الذي أرهقهم بدفع الضرائب وأعادهم بل ودفعهم لسنوات طويلة إلى التخلف والجهل.
واستمر هذا الوضع حتى دخل الملك عبد العزيز مدينة الرياض، وكانت بداية القرن العشرين بداية الجولة الثالثة من الحكم السعودي المبارك، الذي وضع حجر الأساس لحياة جديدة في الجزيرة العربية، وأعاد بناء الحياة السياسية، والحكم المستقر، والأمن الدائم في جميع أنحائها، لتنتشر في جميع أقاليمها التي أصبحت بفضل الله ثم بجهود هذا الملك الفذ حضورا للتجارة العربية والإسلامية في العصر الحديث. كيان بارز يلعب دورا مهما في مسار الاقتصاد العالمي.
ومنذ ذلك العام فتح الملك عبد العزيز مدينة الرياض، وانطلق منها ليوحد أجزاء البلاد المتناثرة تحت راية التوحيد، وحتى يتم ذلك له بعون الله وتوفيقه، وتبهر سيرته الناس بجلالها، وتثير الدهشة والإعجاب لدى كل من يبحث في أعماقها. الملك عبد العزيز هنا تحت ظروف قاهرة وندرة الموارد والحرب التي كانت تعصف بالعالم في ذلك الوقت. استطاع أن يبني دولة مترامية الأطراف وأن يضع لها أنظمة وقوانين تضمن حمايتها واستمراريتها، معتمدا على الشريعة الإسلامية أولا، وعلى بعد نظره ومصلحة أمته ثانيا. ولعل خير دليل على ذلك هو تطور النظام النقدي في عهده رحمه الله. كان النظام النقدي في معظم محافظات الجزيرة العربية بشكل عام، ومحافظات البلاد بشكل خاص، في حالة من الفوضى والتدهور لم يسبق لها مثيل من قبل. تم التعامل مع معظم الأموال الأجنبية من الذهب والفضة والبرونز والنحاس في هذه البلدان، بغض النظر عما إذا كانت تنتمي إلى دولة كانت موجودة في ذلك الوقت، أو إلى بلد تم استبعاده منذ فترة طويلة.
1 – الملك عبد العزيز يحاول جاهداً إصدار عملة نحاسية لسلطنة نجد:
وفي ظل هذه الفوضى النقدية، لم يكن أمام الملك عبد العزيز في البداية، بعد دخوله الرياض وسيطرته على معظم محافظة نجد، أي خيار سوى القبول ولو مؤقتا بهذا الوضع، حيث ظل يتعامل مع الأموال المتوفرة في الأسواق آنذاك، لكنه وجد نقدا موحدا يتم تداوله في مناطق نفوذه آنذاك، كان هاجسا كان لديه الكثير من القلق، لأنه كان يدرك تماما أن المال هو أهم مظهر من مظاهر سيادة الدولة، وأحد شعارات الملك الثلاثة. لذلك، خلال هذه الفترة المبكرة من عملية التوحيد، كان الملك عبد العزيز يحاول جاهدا إصدار عملة نحاسية لسلطنة نجد في ذلك الوقت، من أجل السيطرة على الظروف النقدية في أسواقها خلال تلك الفترة.
2 – سيادة العملات الأجنبية أهمها التالر النمساوي (دولار ماري تيريز):
بعد هذه الخطوة الجريئة، وفي ظل سيادة العملات الأجنبية، لم يكن أمام الملك عبد العزيز خيار سوى الموافقة على التعامل في محيط نفوذه السياسي مع الأموال المتداولة في ذلك الوقت. هذه هي العملات التي كانت في الغالب متداولة في عهد الدولة السعودية الثانية، والفترة التي سبقت دخوله الرياض. ولعل أهم هذه العملات على الإطلاق هو التالر النمساوي، أو ما يعرف ب “دولار ماريا تيريزا”، المعروف محليا باسم “الريال الفرنسي”، وهو الاسم الذي أصبح اسما رسميا لهذا النقد في معظم محافظات الجزيرة العربية، وحتى بعض الدول العربية.
أما هذه العملة فهي عملة فضية كبيرة تزن أونصة واحدة، ولدقة وزنها أصبحت فيما بعد وحدة وزن في الأسواق الشعبية. هذا النقد كما تعلمنا من قبل نال شهرة كبيرة، وتعلق به الناس، ووثقوا به باعتباره نقدا كبيرا في معاملاتهم التجارية، وخاصة سكان الجزيرة العربية الذين كانت بعض ولاياتهم تحت سيطرة الدولة العثمانية. حتى أنهم رفضوا التعامل مع الآخرين، حتى الأموال العثمانية نفسها، مما اضطر بعض ولاة الدولة العثمانية على تلك الولايات إلى مطالبة أستانا بتوفير كميات كبيرة من الريالات الفرنسية لتلبية متطلبات ولاياتهم.
إلى جانب الريال الفرنسي، تم تداول أنواع مختلفة من العملات الذهبية والفضية والنحاسية العثمانية. على الرغم من أن العملات الفضية والنحاسية ومثل هذه العملات (كوبر نيكل) هي الأكثر انتشارا وسيادية في التداول بين الناس، لأن هذه العملات تتميز عن غيرها بفئاتها المتعددة التي جعلتها أموالا شائعة في المعاملات التجارية.
من بين هذه العملات، ما يسمى بالريال المجيدي على اسم السلطان العثماني عبد المجيد خان مشهور، وكذلك بارات – مجموعة البارا – وهي عملات معدنية من نيكل كوبر وتمثل في الواقع أجزاء من الريال المجيدي. وتتميز هذه العملات بشكل عام بأنها تحمل على وجهها توقيع السلطان، الذي يتضمن اسمه الكامل نقشا بخط طغراء، وعدد السنوات التي جلس فيها السلطان على العرش، بينما يتضمن الظهر مكان وتاريخ سك العملة، وتاريخ تولي السلطان العرش.
وبالإضافة إلى هذه العملات المعدنية تم تداول الجنيه الإنجليزي الذي لا يقل شهرة عن الريال الفرنسي بين سكان البلاد بأسماء محلية منها: جنيه جورج نسبة إلى الإمبراطور جورج الخامس الذي سك هذه النقود في عهده، وكذلك اسم محلي آخر هو جنيه أبو خيال. لوجود صورة لرجل يركب حصانا على ظهر القطعة.
أعيدت هذه الأموال إلى أسواق البلاد، مثل العملات الإنجليزية الأخرى التي تم تلقيها عبر الهند، أهم المستعمرات البريطانية في ذلك الوقت. نظرا لأن هذه النقود مضروبة في معدن الذهب، فقد حظيت بشعبية كبيرة بين سكان البلاد. ناهيك عن نقاء معدنه واستقرار وزنه. كما تم تداول العملات الفضية الهندية، المعروفة باسم الروبية وأجزائها، والتي هي في الواقع عملات إنجليزية تم سكها خلال الاستعمار البريطاني للهند. ولعل أفضل دليل على ذلك هو نقش صورة الإمبراطور الإنجليزي عليها. الروبية وأجزائها الحالية وأجزائها ومضاعفاتها كان لها شهرة واسعة وانتشار واسع في أسواق معظم محافظات الجزيرة العربية وخاصة المحافظات المطلة على الخليج العربي والبحر الأحمر. كما تم تداول العديد من العملات المعدنية الأخرى، مثل أسماك القرش المصرية، وأموال بعض الدول المجاورة في شبه الجزيرة العربية، وأموال دول شرق آسيا، وخاصة أموال الهند الشرقية، أو ما يعرف الآن بإندونيسيا.
3 – ختم بعض المسكوكات الشائعة والشعبية المتداولة بكلمة “نجد”:
في خضم الفوضى النقدية في البلاد، كان الملك عبد العزيز يسعى جاهداً لإيجاد حلول من شأنها أن تساعد في السيطرة على تلك الظروف النقدية والحد من تنوع تلك الأموال. ولعل أول خطوة عملية اتخذها الملك عبد العزيز هي ختم بعض المسكوكات الشائعة والشعبية المتداولة بكلمة “نجد”، وكان ذلك قبل عام 1340ه (1922م). ومن أهم هذه العملات التي خضعت للإصلاح النقدي الريال الفرنسي والروبية الهندية وأجزائها، وبعض المسكوكات العثمانية مضروبة في النحاس ومن كوبر نيكل من فئة عشرة أشرطة، وعشرين شريطا، وأربعين شريطا. بعض أسماك القرش التركية مثل خمسة قروش، وبعض أسماك القرش المصرية التي يعود تاريخها إلى عهد السلطنة المصرية من فئة أسماك القرش، وفئة أسماك القرش الخمسة، وفئة عشرة قروش، وفئة العشرين قرشا.
ويتضح من هذا الإجراء الإصلاحي أن الملك عبد العزيز كان يهدف إلى إعلام أبناء الرعية، بمن فيهم المصرفيون والباعة وغيرهم، بأن هذه العملات المختومة بكلمة “نجد” هي أموال رسمية معترف بها، ويجب التعامل معها فقط. كونها رسالة صريحة تعكس الوضع السياسي لسلطنة نجد خلال تلك الفترة، وخطوة جريئة هي اللبنة الأولى التي وضعها الملك عبد العزيز لتأسيس النظام النقدي السعودي وفقا للمصادر المتاحة لديه في ذلك الوقت.
بعد أن تمكن الملك عبد العزيز من توحيد الحجاز مع نجد عام 1343ه (1925م)، وافق على التعامل بالريال الفرنسي والمسكوكات العثمانية وغيرها من النقود الأجنبية التي كان الشريف حسين بن علي قد منعها من التداول في عهده، وكإجراء احترازي، ختم الملك عبد العزيز تلك المسكوكات بكلمة “الحجاز”، وربما أندر هذه العملات مختومة بالوحدة النقدية البريطانية المعروفة باسم Bronze Penny، والتي تم سكها في عهد الإمبراطور جورج الخامس (بريطانيا العظمى).
4 – سك النقود التي تلبي احتياجات السوق:
وعلى الرغم من هذه الخطوة التي سمحت بتدفق الأموال الأجنبية، إلا أن حاجة السوق المحلية تطلبت مبالغ أكبر من المال، مما دفع الملك عبد العزيز إلى سك النقود التي تلبي احتياجات السوق. تم سك كميات كبيرة من العملات النحاسية في فئة نصف قرش وفئة ربع بنس. الاسم الكامل للملك عبد العزيز (عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود) منقوش على وجهها في شكل طغراء أو بخط طغراء، وتاريخ سكها عام 1343 ه، بينما نقش ظهر الفئتين القيمة النقدية لكل منهما، ومكان سك العملة وهو أم القرى. وبذلك يكون هذا الإصدار بفئتيه (نصف قرش، ربع قرش) هو أول إصدار نقدي سعودي، بل هو نقد قانوني تم التعامل معه وفقا للأوامر الصادرة آنذاك والعبارات المنقوشة عليه والتي لا تختلف في المضمون عن أي نقد آخر.
ونظرا لحاجة السوق إلى كميات إضافية من هذه العملات، أمر الملك عبد العزيز في نفس العام بسك كمية أخرى جاءت على غرار أسلوب القطع السابق مع بعض الاختلاف في طريقة نقش اسم الملك، حيث جاء على النحو التالي: (عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل). في بداية عام 1344 ه (1926 م) أمر الملك عبد العزيز بسك كمية أخرى من فئة نصف سمكة قرش فقط.
تم سكها بشكل جميل جدا، خاصة ظهور هذه الفئة التي حملت نفس العبارات السابقة بما في ذلك مكان وتاريخ النعناع، وقيمة النقد. تم توزيعه على المنطقة الخلفية من القطعة بتصميم فريد للغاية، بينما نقش اسم الملك عبد العزيز على الوجه بالكامل بخط طغراء دون إضافة أي من ألقابه (عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود) ونقش أسفل سنة الطغراء (2) أي السنة الثانية من حكم الملك عبد العزيز بعد توحيد الحجاز مع بقية مملكته، وربما يدعم هذا الإصدار ما نتعامل معه من أن هذه النسخ النحاسية هي أول العملات السعودية الرسمية. على أي حال، فإن هذه النقود هي واحدة من أهم وأندر العملات المعدنية التي تضاعفت في مكة المكرمة، لأنها تحمل أحد أسماء مكة المكرمة، أم القرى، وهو اسم لم يظهر على النقود بشكل عام قبل هذا التاريخ.
5 – الإصلاحات النقدية التي بدأها الملك عبد العزيز:
ومن الإصلاحات النقدية التي بدأها الملك عبد العزيز بعد دخوله الحجاز وتوحيده مع باقي دولته ما فعله عام 1344ه (1926م)، حيث أصدر الملك عبد العزيز أمره بسك مسكوكات جديدة من فئة القرش الواحد، فئة نصف سمكة قرش وفئة ربع سمكة قرش، التي تم سكها من معدن كوبر نيكل، وحملت هذه المسكوكات الجديدة اسم ولقب الملك عبد العزيز آنذاك (عبد العزيز آل سعود / ملك الحجاز والسلطان نجد) منقوشا على وجه تلك الفئات على شكل كتابة هامشية، بينما على ظهر هذه الفئات كتابات تضمنت قيمة العملة بحروف وأرقام، وسنة سك العملة، دون اسم المكان الذي تم تعدينه فيه.
6 – ألغاء التعامل بجميع النقود المتداولة كالعثمانية والهاشمية وغيرها:
شهد عام 1346ه العديد من التطورات النقدية الكبرى، أولها أن عبد العزيز ألغى التعامل مع جميع النقود المتداولة مثل العثمانية والهاشمية وغيرها. وأمر بإدخال عملاته الجديدة، التي حملت لقبه السابق، ويظهر هذا العنوان على المسكوكات المسكوكة من معدن (كوبر نيكل) من فئة القرش، ونصف سمكة قرش، وربع سمكة قرش، يتوافق تصميمها مع تصميم القرش وفئاته مضروبة عام 1344ه. باستثناء سك سنة 1346 ه المحفورة تحت ظهر العملة.
وخلال العام نفسه، اتخذ الملك عبد العزيز واحدة من أهم مراحل الإصلاح النقدي خلال تلك الفترة. رحمه الله، طرح أول ريال سعودي نقي، تم سكه من معدن الفضة على غرار الريال المجيدي. وكأن الملك عبد العزيز أراد من الرعية أن تقبل هذه النقود الجديدة، حيث تم سكها مطابقة لوزن وقطر الريال المجيد، وكذلك نسبته من المعدن الفضي، أما تصميم هذا الريال وأجزائه من فئة نصف ريال، وفئة ربع الريال، فقد تم سكه بطريقة مميزة وفريدة من نوعها، والتي تضمنت عبارات وأرقاما منقوشة في شكل كتابات مركزية وهامشية. تم ذكر مركز الوجه داخل دائرة اسم الملك الكامل (عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود). بينما تضمن الهامش لقبه (ملك الحجاز ونجد وملحقاتها) وشعار الدولة سيفين متقاطعين داخل شكل شبه مستطيل نقش بجانبه راحتين. نقشت أم الظهر في وسطها مكان وتاريخ سك العملة (ضرب في مكة المكرمة 1346 ه) بينما تضمن الهامش القيمة بالحروف والأرقام.
7 – أول تنظيم للوضع النقدي في المملكة العربية السعودية:
لتحقيق انتشار هذا النقد، ودعمه في مواجهة تحديات العملات الأخرى التي شكلت قاعدة صلبة لتعاملات الناس اليومية. أصدر الملك عبد العزيز أمره السامي المتضمن أول تنظيم للوضع النقدي في البلاد، والذي نشر في الجريدة الرسمية (أم القرى) في عددها رقم. (160) وتاريخ 13/7/1346ه (9/1/1928م). وتضمنت العديد من المواد التي شكلت السياسة النقدية للدولة في ذلك الوقت. ومن أهم هذه المواد ما يلي:
- المادة الأولى: يسمى هذا النظام بالنظام النقدي الحجازي النجدي المعبر عنه فيما بعد بالنقد العربي.
- المادة الثانية: اعتبارا من غرة شعبان 1346ه يلغى التعامل بالريال العثماني وأقسامه ويستعاض عنه بالريال العربي وأقسامه.
- المادة الثالثة: الريال العربي مساو في الحجم والوزن والعيار الفضي للريال العثماني ونصف الريال العربي يساوي نصف الريال العثماني، وربع الريال العربي يساوي ربع الريال العثماني.
- المادة الرابعة:
- أولا، الجنيه الإنجليزي هو الأساس القياسي لأسعار العملة الفضية العربية.
- ثانيا: الجنيه الذهبي يساوي عشرة ريالات فضية عربية.
- ثالثا: الجنيه يساوي (110) قرشا أميريا أي (220) قرشا عاديا.
- رابعا: الريال العربي الفضي يساوي (11) قرشا أميريا أي (22) قرشا عاديا.
ومع صدور هذا النظام النقدي الجديد، أصبح لزاما على الجميع التعامل بالريال السعودي، والتخلي عن النقود الأخرى، الأمر الذي اقتضى إعادة سكها مرة أخرى في عام 1348ه (1930م) بجميع فئاتها وحسب مواصفاتها السابقة باستثناء سنة سكها (1348ه)، حيث تم تداولها وفق معيار صرفها لأسماك القرش النجدية الحجازية، التي تم سكها أيضا خلال تلك السنة بجميع فئاتها، ووفقا لمواصفاتها السابقة باستثناء تاريخ سكها (1348 ه).
8 – الريال الفضي الجديد وأجزائه من فئة نصف الريال، وفئة ربع الريال:
بعد أن تمكن الملك عبد العزيز آل سعود من توحيد أجزاء البلاد المتناثرة، صدر الأمر الملكي رقم 2716 وتاريخ 7/5/1351ه (22/9/1932) بتحويل البلاد من مملكة الحجاز ونجد وملاحقها إلى المملكة العربية السعودية، وتقرر استخدام لقب (ملك المملكة العربية السعودية) بدلا من لقب (ملك الحجاز، نجد وملحقاتها). إلا أن هذا العنوان لم يظهر على المسكوكات إلا عام 1354ه (1935م) عندما بدأ العمل بأول نقود سعودية تحمل الاسم الجديد للدولة بعد توحيدها، وكان ذلك على الريال الفضي الجديد وأجزائه من فئة نصف الريال، وفئة ربع الريال.
تميز هذا الريال بحجه الصغير، وخفة وزنه مقارنة بالريال السابق. كان وزنه 11.65 جرام، أي أقل من نصف وزن الريال السابق. كما تميزت بنقاوتها العالية (0.916) وبالتالي تكاد تكون مطابقة لمواصفات الريال الجديد في مواصفاتها من الروبية الهندية وهي النقد الأكثر تداولا بين العملات الأجنبية السائدة آنذاك.
أما عن تصميم هذا الريال فقد تم سكه مطابقا لتصميم الريال السابق من حيث زخارفه وأشكاله وتوزيع العبارات التي اختلفت على وجه الريال الجديد. كان وسط الوجه يحمل اسم الملك الكامل (عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود) ومحفور من الخارج بدائرة تفصله عن كتابات الهامش الذي تضمن اللقب الجديد للملك (ملك المملكة العربية السعودية)، منقوشا تحته شعار الدولة. أما الظهر فقد كان مطابقا للريال السابق باستثناء سنة السكة (1354ه).
9 – فئة القرش وأجزائه من فئة نصف قرش وربع فئة القرش:
تم سك المسكوكات المصنوعة من النيكل النحاسي من فئة القرش وأجزائه من فئة نصف قرش وربع فئة القرش تحت الاسم الجديد للدولة حتى عام 1356ه (1937م)، حيث تم سكها وفقا للتصميم السابق لسمك القرش وفئاته، مع اختلاف في العبارات وطريقة التنفيذ. يظهر اسم الملك ولقبه (عبد العزيز آل سعود / ملك المملكة العربية السعودية) على الوجه بشكل دائري، بينما لا نجد فرقا في تصميم الظهر باستثناء سنة سك هذا القرش وأجزائه، وهي سنة (1356 ه). وهو محفور تحت ظهر العملة.
نظرا للتطور الاقتصادي المطرد وحاجة السوق إلى كميات كبيرة من النقود السعودية التي أصبحت النقد الرئيسي والسائد في جميع أنحاء البلاد، فقد تم سك كميات كبيرة من الريال الفضي وأجزائه، وكذلك القرش وأجزائه، عدة مرات ولمدة تصل إلى ثلاثة عشر عاما. إلا أن تاريخ سك سك العملة (1354ه) المنقوش على الريال الفضي وأجزائه، وتاريخ سك سك النقود (1356ه) المنقوش على قرش النحاس النيكل وأجزائه، ظل دون تغيير حتى عام 1367ه (1948م) للريال الفضي الذي تم سكه خلال سنوات مختلفة، وفي مختلف النعناع، ومنها على سبيل المثال: لندن، المكسيك وفيلادلفيا وبومباي.
10 – انخفاض قيمة الريال الفضي:
نتيجة تركيز الدولة بعد توحيدها على سك الريال الفضي وأجزائه، لتلبية متطلباتها، وتلبية احتياجات الأسواق من هذه المسكوكات، وما فعله المصرفيون خلال تلك الفترة لتخزين فئات صغيرة من العملات المعدنية (كوبر نيكل). وقد حدث نقص في هذه المسكوكات من فئة قرش واحد وأجزائه، مما أدى إلى انخفاض قيمة الريال الفضي الذي انخفض سعر صرفه من (22) قرشا إلى (20) قرشا، ولحل هذه المعضلة وكسر احتكار المصرفيين لتلك الأموال، قامت الدولة في عام 1365ه (1946م) بختم جميع أسماك القرش المتداولة آنذاك، سواء سكت قبل توحيد المملكة أو بعد توحيدها، مع وجود الرقم (65) في منتصف الوجه بالطرق، مما مكن الدولة من استعادة التوازن النقدي لأسواقها، والمحافظة على قيمة الريال الفضي، بحيث تستمر هذه المسكوكات الصغيرة المندبة أو المختومة بهذا الرقم في التداول حتى بداية عهد الملك سعود بن عبد العزيز.
11 – إصدار الجنيه الذهبي مشابها للريال الفضي ولم يتم تداوله:
وفي عام 1367ه (1948م) تم سك ريال فضي واحد دون أجزائه، وطرحه في الأسواق بتصميمه السابق، باستثناء سنة سكته (1367ه) محفورة في السطر الأخير من كتابات مركز الظهر. ثم أعيد سكه مرة أخرى في عام 1370 ه (1951 م) بدون أجزائه أيضا. وخلال نفس العام (1370ه)، ولأول مرة في العهد السعودي، كان الجنيه الذهبي الذي كان في تصميمه مشابها للريال الفضي، وتحديدا من حيث زخارفه وأمثاله، عدا سنة سكه وقيمته بحروف محفورة على الهامش العلوي للظهر (جنيه سعودي واحد)، وزن هذا الجنيه (8 جرام)، نقاوته يصل إلى (0.91666) وقطره (22 ملم). وبالتالي فهو قريب جدا من مواصفات الجنيه الإنجليزي، وتحديدا من حيث وزنه وقطره ودرجة عياره، أي نقاوته.
على الرغم من أن هذا الجنيه تم سكه في عام 1370 ه، إلا أنه لم يتم تداوله في ذلك الوقت، حيث أخذت الدولة بنصيحة المستشار الاقتصادي والمالي آنذاك آرثر. آرثر ن. يونغ، الذي ترأس بعثة أمريكية لتقديم المشورة للدولة لتطوير نظامها النقدي على وجه الخصوص. والاقتصادية بشكل عام. وكان من بين توصيات الخبير آرثر يونغ الاحتفاظ بهذين المليونين ونصف المليون جنيه ذهبي وتأجيل الإفراج عنهم حتى يتم إنشاء مؤسسة لإدارة الشؤون النقدية للبلاد. والواقع أن هذه الجنيهات استحدثت عام 1372ه (1952م) بعد إنشاء مؤسسة النقد العربي السعودي.
بعد طرح الريال الفضي السعودي للتداول، أصبح هاجس الدولة بالحفاظ على قيمته مقابل الجنيه الإنجليزي العملة الذهبية الرئيسية خلال تلك الفترة. بسبب التحولات السياسية التي أثرت على الاستقرار الاقتصادي، والأزمة العالمية الكبرى التي أدت إلى انهيار أسعار الفضة، وتخلي بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية عن قاعدة الذهب خلال الفترة من 1349 إلى 1352ه (1933-1931م) وارتفاع أسعار الذهب بعد ذلك، أدت إلى تغير قيمة التعامل بين الريال الفضي السعودي والجنيه الذهبي الإنجليزي الذي تم تطبيقه. في النظام النقدي النجدي الحجازي.
12 – إنشاء بنك وطني يصدر الأموال السعودية:
نظرا لعدم وجود سلطة نقدية مركزية، تحكم وتنظم إصدارات الدولة للنقود التي تم سكها خارج البلاد، واستلامها على أقساط، أو بشكل غير منتظم، فقد أدى ذلك إلى انخفاض القيمة التبادلية للريال الفضي السعودي، فضلا عن وجود فرق كبير لا يتوافق مع قيمة الريال كمعدن في السوق العالمية، الأمر الذي دفع العديد من المصرفيين إلى تهريبها إلى خارج البلاد وبكميات كبيرة خاصة إلى أسواق الهند التي شكلت نقطة جذب لهم.
وهنا رأى الملك عبد العزيز أن البلاد بحاجة ماسة إلى نظام مصرفي لإدارة دخل الحكومة، الذي يشهد نموا مطردا، بفضل زيادة الدخل من صادرات النفط، وتنظيم الأوضاع النقدية، التي تشهد اضطرابا كبيرا، بسبب التقلبات الحادة في أسعار الذهب والفضة، التي تشكل العمود الفقري لعملة الدولة.
وقد بذل الملك عبد العزيز جهودا جبارة في هذا المجال، ومنذ بداياته حرص (رحمه الله) على إنشاء بنك وطني يصدر الأموال السعودية، وينظم عملية طرحها في السوق، ويحافظ على قيمتها. كان هذا المشروع من أولوياته حيث كان لديه العديد من العروض في هذا الصدد، لكن جميعها لم ترق إلى مستوى تطلعات الملك عبد العزيز آل سعود.
13 – إنشاء مؤسسة النقد العربي السعودي:
في أوائل عام 1371 ه (1952)، بعد الاضطراب الكبير في أنظمة الصرف والدفع، وافق الملك عبد العزيز على جلب بعثة مالية أمريكية. يرأسها المستشار المالي الاقتصادي آرثر يونغ لتقديم المشورة للدولة بشأن الجوانب المالية والاقتصادية وتطوير أنظمتها النقدية، وبناء على التقارير والتوصيات التي قدمها السيد آرثر يونغ لإنشاء مؤسسة تعنى بالشأن النقدي للبلاد. وبعد التشاور مع جلالة الملك سعود رحمه الله الذي كان أميرا لماهيتها تم التوصل إلى اسم المؤسسة ومهامها وأهدافها، وعندها صدر القراران الملكيان بالرقمين 30/4/1/1046 و30/4/1/1047م، وبتاريخ 25/7/1371ه (20/4/1952م) بإنشاء مؤسسة النقد العربي السعودي، واعتماد نظامها الأساسي. وحددت أهم وظائفها في تثبيت قيمة العملة السعودية، ودعمها داخل الدولة وخارجها، ومساعدة وزارة المالية في توحيد الموقف الذي تودع فيه إيرادات الدولة، وتقديم المشورة للحكومة فيما يتعلق بسك النقود وطرحها، ومراقبة النظام المصرفي من البنوك التجارية، والمصرفيين المتعاملين في بيع وشراء العملات الأجنبية. وحظرت على المؤسسة إقراض الجهات الحكومية والخاصة، وإصدار العملات الورقية وغيرها من البنود المنصوص عليها في المرسومين.
وبذلك بدأت مؤسسة النقد العربي السعودي ثاني أقدم بنك مركزي في الوطن العربي عملها في 14/1/1372ه (4/10/1952م) وكان من أولى المهام التي أوكلت إلى المؤسسة استكمال النظام النقدي السعودي. في بداية شهر صفر عام 1372ه الجنيه الذهبي السعودي الذي حدد سعر صرفه ب (40) ريال فضي سعودي أي ما يعادل (10.90) دولار وهو ما يتوافق مع السعر المستهدف للريال مقابل الدولار (3.70 ريال للدولار). في ذلك الوقت، بذلت المؤسسة جهدا هائلا للحفاظ على هذا السعر، ومارست جميع صلاحياتها بالتعاون مع الجهاز المصرفي لتحقيق هذا الهدف.
كما انتهت المؤسسة من سك الريال الفضي، حيث قامت بسك الريال الفضي الموسوم باسم الملك عبد العزيز عام 1373ه (1953م)، وبذلك أصبحت عملة الدولة التي تصدرها مؤسسة وطنية سعودية أدت منذ بداية تأسيسها وحتى اليوم إلى الحفاظ على قيمة الريال السعودي بين عملات دول العالم.
يتضح مما سبق أن الملك عبد العزيز قام بعمل استثنائي من أجل بلورة هوية أمته ودولته من خلال أموالها التي تعد أهم رمز لسيادتها، وربما يكون متابعا لمراحل الإصلاح النقدي خلال تلك الفترة، يدرك حقيقة بعد نظر الملك عبد العزيز في معالجة الأحداث والقضايا الأساسية لأمته، حيث ارتبطت مراحل الإصلاح النقدي ارتباطا مباشرا بمراحل توحيد هذا الكيان، وانعكست على الأحداث والتطورات السياسية التي شهدتها الدولة منذ عام 1319ه (1902م) حتى عام 1351ه (1932م).
14 – إصدار إيصالات الحجاج التي طرحت للتداول:
وعلى الرغم من كل ما تم تحقيقه في هذا المجال، إلا أن طموح الملك عبد العزيز كان أكبر بكثير، حيث أدرك صعوبة الاستمرار في استخدام العملات المعدنية، في ظل التطورات الاقتصادية المتلاحقة، ونمو واردات الدولة بشكل كبير، وأراد أن يسهل على حجاج بيت الله الذين يواجهون صعوبات من حمل الريالات الفضية الثقيلة، فكانت الخطوة الأكثر جرأة في النظام النقدي السعودي، والتي تمثلت بإصدار مؤسسة النقد لما كان يعرف آنذاك بإيصالات الحجاج التي طرحت للتداول اعتبارا من تاريخ 14/11/1372ه الموافق 25/7/1953م بعشرة ريالات، طبع منها خمسة ملايين إيصال، كطبعة أولى، كتبت عليها عبارات متعددة باللغات العربية والفارسية والإنجليزية والأردية والتركية والماليزية مما يحفظ لحاملها قيمة هذا الإيصال بالريال الفضي السعودي. ويبدو أن هذه التجربة لاقت استحسانا وقبولا من حجاج بيت الله الحرام، وحازت على ثقة الأهالي في السوق المحلية من تجار ومواطنين. وهو ما دفع المؤسسة إلى إعادة إصدار تلك الطائفة وفئتين جديدتين أخريين من فئة خمسة ريالات عام 1373ه (1954م) وفئة الريال الواحد عام 1375ه (1956م) وكان نجاح هذه التجربة أن المواطنين والحجاج لم يستبدلوا تلك المقبوضات بالعملات المعدنية بل استمروا في تداولها وخلصت الدولة ممثلة في مؤسسة النقد العربي السعودي إلى أن المواطنين والحجاج يرغبون في ذلك تبادل العملات المعدنية مقابل العملة الورقية، وهو تطور مهم يعبر عن الثقة في حكومة الدولة الفتية وقدرتها على حماية عملتها الورقية، وهو أصعب بكثير من حماية عملة ذات قيمة ذاتية.
المصادر:
- مؤسسة النقد العربي السعودي، مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، إصدارها للنقود، وممتلكاتها من النقود القديمة والإسلامية، الرياض، مؤسسة النقد العربي السعودي، 1411ه.
- مؤسسة النقد العربي السعودي، الأنظمة والتعليمات، الرياض، مؤسسة النقد العربي السعودي، 1414ه.
- محمد سعيد الحاج، مؤسسة النقد العربي السعودي، النشأة والمسار والإنجازات، الرياض، مؤسسة النقد العربي السعودي، 1421ه.
- مؤسسة النقد العربي السعودي، تطور النقود في المملكة العربية السعودية، الرياض، مؤسسة النقد العربي السعودي، 1419ه.
https://www.sama.gov.sa/ar-sa/Currency/Pages/HistoricalInfo.aspx