انهيار اقتصادي عالمي مخيف .. هل أمريكا وراء كل ذلك ؟

عرب جورنال / أروى حنيش –

انهيار اقتصادي عالمي مخيف .. هل أمريكا وراء كل ذلك ؟

انهيار اقتصادي عالمي مخيف .. هل أمريكا وراء كل ذلك ؟

عرب جورنال / أروى حنيش –

وسط الصراع العالمي القائم في ما يسمى العالم الجديد، وهو مصطلح ثقافي أوروبي ينطبق على غالبية نصف الكرة الغربي للأرض، وتحديدًا أوروبا والأمريكيتين، اكتسب المصطلح مكانة بارزة في أوائل القرن السادس عشر، خلال عصر الاستكشاف الأوروبي، وتم تفعيله بصورته المعروفة الآن بعد الحرب العالمية الثانية ليتحول إلى مجموعة دول إمبريالية تمارس الفوقية والتكبر العالمي، واستغلال خيرات الدول.. فالواقع الايديولوجي الذي يسيطر على الاقتصاد العالمي اليوم هو النزعة الامريكية للسيطرة على العالم.

قيادة الاقتصاد العالمي

لقد تولت الولايات المتحدة قيادة الاقتصاد العالمي بحكم هيمنتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية المطلقة بعد الحرب العالمية الثانية، حيث واصلت الشركات الاحتكارية الأمريكية التوسع في الخارج، والاستفادة الكاملة من الموارد والسوق العالمية، ومن خلال الاستثمار المباشر، واستبدلت الصادرات بالاستثمار، وشراء الذهب مقابل الدولار، والتوسيع في الحفاظ على حصتها المطلقة في السوق العالمية ومن اعتماد أسعار النفط بالدولار، وهذا ما جعلها تكسب أرباحا عالية.

يمكن القول أن الاقتصاد الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية تغلغل بشكل مستمر في جميع أنحاء العالم، من خلال الشركات متعددة الجنسيات والتحالفات، مما أثر على اتجاه التنمية للاقتصاد العالمي. وحتى الوقت الراهن لا يمكن تجاوز اقتصاد امريكا الذي بلا شك أنه أكبر اقتصاد في العالم خاصة بوجود الدولار الأمريكي الذي له الهيمنة على العملات العالمية. وبالنسبة للعولمة، لا توجد منطقة بالعالم مستقلة تمامًا طالما أنه اقتصاد سوق ونظام تجاري فيجب أن يؤثر كل منهما على الآخر. وبغض النظر عن كيفية تحليلنا للوضع الاقتصادي العالمي، لا يمكننا تجاوز الولايات المتحدة، لكني اقول يمكننا الابتعاد عنها تدريجيا على الأقل، وهذا ما يجب ان تصنعه الدول على الفور قبل أن ينهار اقتصاد أمريكا مجبرين أم مخيرين

تحول في العلاقات الدولية

نحن نتحدث عن ظهور أنظمة مالية جديدة في التحول في العلاقات الدولية نحو اقتصاد السوق، وهذا الإجراء الذي بدأت الصين وروسيا العمل به، أي تفعيل العملات الوطنية بالمجمل بدلا عن الدولار، وعلى المدى البعيد هذا بالتأكيد سيجعل الدولار ينكمش، وأن انهيار الاقتصاد الامريكي مسألة وقت. فالاحصاءات ومؤشرات قيم النمو الاقتصادي العالمي في الأربعين عامًا الماضية، توصلنا إلى استنتاج: تأثير انخفاض 10% في الاقتصاد الأمريكي على الاقتصاد الكندي لينخفض ​​بنسبة 9% تقريبًا. وعلى الاقتصاد البريطاني بنحو 5.1% ، وتراجع اليابان بنسبة 4.9%، وتراجع الصين الاقتصادي بنسبة 3.0% إلى 4.0%، وهذا يولد ذعرا معديا للثقة بين دول العالم .. لكن ما سبب ذلك؟

من بين الأسباب أن هناك 5 دول ذات أعلى نسبة حيازة للدولار الأمريكي، أولها الصين بقيمة إجمالية قدرها 1.135 تريليون دولار أمريكي، واليابان التي تمتلك 1.115 تريليون دولار أمريكي ثم البرازيل والهند وروسيا .. واعتبارًا من عام 2018 تحول الدولار الأمريكي ليكون العملة الأساسية لمعظم المعاملات الدولية، ويعمل أيضًا كعملة قانونية في 9 دول أخرى على الأقل حول العالم، التي لديهم 62% من الدولارات الأمريكية…لهذا تعمل أغلب دول العالم هذه على المساهمة في توازن الدولار وخصوصا الصين. وأصبحت الشركات الأمريكية الكبيرة من خلال عمليات الاندماج والاستحواذ بعد الحرب شركات متعددة الجنسيات حديثة، لديهم رأس مال ضخم، ونطاق عمل واسع، وتشدد عملياتهم التجارية على “الاستراتيجية العالمية”، حتى يتمكنوا من الحصول على أرباح ضخمة. على سبيل المثال: كان العمل الرئيس الأصلي لشركة جنرال موتورز في الولايات المتحدة هو تصنيع السيارات، ولكن بعد الحرب العالمية الثانية، قامت الشركة أيضًا بتصنيع محركات الطائرات والصواريخ العابرة للقارات والغواصات والمركبات الفضائية والأجهزة المنزلية بالإضافة إلى السيارات والشركات التابعة القائمة حول العالم، لتشكيل شبكة إنتاج ومبيعات عالمية لخفض التكاليف وزيادة الأرباح. كما جعلت هذه الموجات العابرة للحدود الدولار الأمريكي أهم عملة تسوية وأكثرها شعبية في التجارة الدولية. هكذا إذا تدرج الدولار الامريكي ليكون عملة رئيسة لدول كثيرة اضطرها بالنهاية للارتباط بالاقتصاد الامريكي، فإذا بها تنهار أيضا لكن خسارتها ستكون أكثر من أمريكا.

التضخم في أمريكا

لهذا السبب فإن الاقتصادات الناشئة أكثر قلقًا بشأن التضخم في الولايات المتحدة من القلق في بلدانهم، فالتضخم في أمريكا إضافة لتكاليف الاقتراض في البلدان النامية، من المرجح أن يؤدي في النهاية إلى ضعف العملات في تلك البلدان.. كما نعلم جميعًا، فإن الدولار الأمريكي هو عملة ادخار دولية، مما يجعل الاحتياطي الفيدرالي بنكًا مركزيًا عالميًا بمعنى ما.

لذلك، فإن التضخم ناجم أيضا عن الإصدار الإضافي للدولار الأمريكي الذي اقره بايدن وليست الولايات المتحدة نفسها هي الأكثر تضررا، بل البلدان النامية هي الضحية النهائية في العالم.

الأزمة الأمريكية

فالأزمة السياسية في الولايات المتحدة، جراء التضخم الحالي، له تأثير مباشر على أسعار السلع الأساسية.. أما فيما يتعلق بأسباب ارتفاع الدولار، أوضح البروفيسور رينفريد وبول جونيور الأسباب الرئيسية: تعافى وضع التوظيف الاقتصادي في الولايات المتحدة تدريجياً، لكن لا ننسى أن تعديل سعر الفائدة، قد دفع رأس المال العالمي إلى الولايات المتحدة، وبدأت الشركات في استرداد السندات الخارجية مقدمًا. رغم أن هذا أحد أسباب انهيار بنك سليكون فالي والعديد من البنوك التجارية في أمريكا وفي دول أوروبية أخرى.
واليوم يتزايد القلق الامريكي- الأوروبي من تحول الصين وروسيا والعديد من الدول إلى التعاملات التجارية بالعملات الوطنية. وبهذا الخصوص صرحت المتحدثة بإسم البيت الأبيض وقالت: “‏نشعر بقلق عميق إزاء تحول البرازيل والصين إلى عملات وطنية عند إجراء “التسويات التجارية” هذا انتهاك لحقوق مواطنينا الذين يعتمدون على سعر صرف الدولار المستقر عالميا. ‏

وهذا يعني أن الدولار هو آخر ماتبقى من مظاهر الهيمنة الأمريكية على العالم. الكثير من الدول استغلت سوء إدارة الولايات المتحدة الأمريكية اقتصاديا للأزمة الأوكرانية مثل : تجميد – أو سرقة- احتياطات روسيا النقدية من الدولار، لتبدأ بشكل جاد في تعويض الدولار بعملاتها المحلية في تعاملاتها التجارية البينية، فقط في الأسبوع الماضي الصين والبرازيل اتفقنا على تحييد الدولار من تعاملاتها البينية ونفس الشيء بالنسبة للمعاملات بين الهند وماليزيا، ومجموعة دول آسيان التي تبحث انشاء عملة موحدة بينها بدلا عن الدولار.. إذن النظام النقدي الدولي الذي تمخض عن اتفاقيات بروتن وودز يحتضر، ويبدو أن السعودية التي أطلقت في يوم ما المارد من قمقمه، وجعلت من أمريكا دولة مهيمنة عالميا بعد ربطها الدولار بالبترول، قد تدخل التاريخ مرة أخرى إن رضخت للضغوط الروسية الصينية المحرضة على فك الارتباط بين البترول والدولار، عندئذ يمكن القول إن عصر الهيمنة الأمريكية قد انتهى بانتهاء آخر أدوات السيطرة الإمبريالية على العالم وهي الدولار، إذ كان نفط السعودية، والخليج بشكل خاص والنفط العربي بشكل عام السلعة الأساسية التي ما ظلت ومازالت تحافظ على قيمة صرف الدولار مقابل كافة العملات الوطنية للعالم .. الآن العلاقات الجديدة بين السعودية والصين، والصين والبرازيل، وروسيا مع عدد من الدول، وبريكس وشنغهاي، ترسم علاقات جديدة لنظام تعدد قطبي عالمي، وسيتم من خلال هذه العلاقات بيع النفط باليوان الصيني، والروبل الروسي، وما يقابلهما من العملات الوطنية، حينها ستنتعش اقتصادات الدول وعملاتها، وكل ذلك كان يذهب لصالح الاقتصاد الأمريكي عندما كانت التعاملات التجارية ترتبط بالدولار.
قد تبقي بعض الدول – لفترة محدودة – سعر صرف الدولار ما يوازي العملة الوطنية، ولا يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية سلعة رئيسة تدعم الدولار …!

https://arab-j.net/index.php/axis/13532-2023-04-06-21-58-39

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

18 − خمسة عشر =

آخر الأخبار