رؤية مستقبلية لقطاع التجارة تلبي متطلبات الاقتصاد التنافسي لمرحلة ما بعد الأزمة

رؤية مستقبلية لقطاع التجارة تلبي متطلبات الاقتصاد التنافسي لمرحلة ما بعد الأزمة

الخبير السوري : 7/2/2019

يؤدي قطاع التجارة بجناحيه الخارجي والداخلي وما يرتبط بهما من نشاطات إنتاجية “تصنيعية وخدمية” دوراً مهماً في تعزيز الاقتصاد السوري لجهة إضافة قيم مضافة للسلع السورية المنتجة محلياً وتحسين فرص تصديرها، وتأمين متطلبات الصناعة المحلية، وتوفير العرض السلعي في السوق الداخلية لتأمين حاجات الاستهلاك اليومي.

ركود وضعف

ومما لاشك فيه تأثر هذا القطاع خلال فترة الأزمة بشكل كبير نتيجة الإجراءات أحادية الجانب التي تم فرضها على سورية لتلقي بظلالها على هذا القطاع نتيجة ترابطات هذا القطاع الأمامية والخلفية مع العديد من الأنشطة والخدمات الداعمة والمكملة مثل “الحرف والصناعة والتصدير والتسويق..إلخ”، كما أدى ارتفاع سعر القطع الأجنبي وتكاليف الإنتاج المحلي إلى ارتفاع أسعار السلع المنتجة والمستوردة على حد سواء، وركود شديد في الأسواق الداخلية، وتراجع واضح في رقم أعمال ومبيعات أغلب الفعاليات التجارية، ولم يؤدِّ انخفاض قيمة العملة المحلية إلى انتعاش الصادرات كما هو معروف في مثل هذه الأحوال لأسباب تتعلق بضعف المكون المحلي في المنتج، وإلى تراجع الإنتاج أصلاً نتيجة الأوضاع الأمنية غير المستقرة في الأماكن الأساسية للإنتاج؛ مما يتطلب معالجة أوضاع القطاع التجاري من خلال نظرة أكثر شمولية كونه المحرك الأساسي للعمل الاقتصادي، وتذليل جميع الصعوبات التي تعترضه وصولاً لأكبر مشاركة اقتصادية ضمن بيئة عمل تشاركية.

دون المستوى

مدير غرفة تجارة دمشق عامر خربوطلي أكد أنه وعلى الرغم من أن التجارة في سورية حققت تطوراً قبل الأزمة، إلّا أنها بقيت دون المستوى المطلوب من حيث تعزيز الناتج المحلي وتحقيق القيمة المضافة المرتفعة، حيث تعاني التجارة من نقاط ضعف في الهيكلية وضعف مناخ الأعمال الناظم لعملها، وانخفاض تنافسيتها، حيث يغلب على القطاعات الإنتاجية المحلية القيمة المضافة المنخفضة؛ مما يؤدي إلى تصدير المواد الأولية ونصف المصنعة على حساب السلع النهائية، إذ شكلت صادرات المواد الخام ما نسبته 50% من الصادرات السورية عام 2010، والمواد نصف المصنعة 12%، فيما لا تزيد المواد المصنعة عن 38%، وأضاف خربوطلي أنه وبالرغم من غلبة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بجميع قطاعاتها الصناعية والتجارية والخدمية على القطاع الخاص السوري والذي يسهم بحوالي ثلثي الناتج المحلي السوري، إلّا أن هذه المؤسسات مازالت تعاني من ضعف الدعم التمويلي والصعوبات الإدارية والإجرائية، ومع ذلك فإن تداعيات الأزمة التي مرت على سورية كانت أقل حدة على قطاع التجارة من باقي القطاعات، إلّا أن تراجع الإنتاج الصناعي والتبادل التجاري أدى إلى تعميق العجز في الميزان التجاري نظراً لتوقف العديد من المصانع، وعدم القدرة على إنتاج سلع قابلة للتصدير مستفيدة من تراجع قيمة العملة المحلية.

رؤية

وقدّم خربوطلي رؤية مستقبلية لقطاع التجارة لمرحلة ما بعد الأزمة، حيث يفترض أن يكون هذا القطاع حيوياً وديناميكياً ومتنوعاً، يلبي متطلبات الاقتصاد التنافسي، ومحرضاً للنمو الاقتصادي يرتكز على الأنشطة ذات القيمة المضافة العالية والمحرضة على تعزيز الإنتاج المحلي والابتكار، ويلبي الاحتياجات المحلية، ويكون قادراً على المنافسة في الأسواق الخارجية، وداعماً لأنشطة خدمية مكملة بما يسهم في التعافي المبكر والتنمية المستدامة، وقسّم خربوطلي التوجهات الاستراتيجية للتجارة إلى توجهات قصيرة المدى، وتوجهات بعيدة المدى، وتقوم التوجهات القصيرة المدى على التركيز على مشاريع وخدمات إعادة الإعمار والصناعات والخدمات التجارية المرتبطة بها، ومشاركة القطاع الخاص فيها بدور فاعل، كذلك التركيز على القطاعات ذات الاستخدام الكثيف لليد العاملة، وإيجاد فرص عمل وتأمين حاجة السوق المحلي ولا سيما من السلع الأساسية والضرورية، وعلى القطاعات التي لديها إمكانات تصديرية واعدة، وتصدير المنتجات النائية ذات القيمة المضافة العالية على حساب السلع الأولية ونصف المصنعة، وعلى القطاعات ذات إمكانات التعافي المبكر ودعمها ولاسيما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر التجارية والصناعية والخدمية، إضافة إلى تطوير التجارة الداخلية باعتماد الاتحادات والمجمعات الأهلية على شكل شركات مساهمة. أما التوجهات بعيدة المدى لغاية 2025 فتسعى لأن تكون التجارة داعماً أساسياً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأن تكون سورية مركزاً تجارياً ومالياً تنافسياً إقليمياً، كذلك الاستثمار في القطاعات عالية التقانة ذات القيمة المضافة العالية وتصدير منتجاتها وزيادة الصادرات، وفتح أسواق جديدة وتحقيق فائض في الميزان التجاري، ناهيكم عن استثمار الميزات التنافسية في كافة مراحل سلسلة الإنتاج والقيمة والتسويق، والسعي للوصول إلى سوق محلية تنافسية غير خاضعة للاحتكار، إضافة إلى استكمال مراحل تحرير التجارة وفق المصالح المحلية، والاعتماد على التجارة الإلكترونية بأشكالها المختلفة.

للدولة دور

ونوّه خربوطلي إلى أن سورية في مرحلة ما بعد الأزمة تحتاج لسياسة تجارية تعتمد على دعم المنتج المحلي، مع متابعة التحرير التدريجي للتجارة الخارجية ودعم التجارة الداخلية بحيث يتم تحقيق أعلى درجات القيمة المضافة للقطاع الإنتاجي المحلي المتعافي بعد الأزمة، مع استمرار ضمان انسياب السلع المستوردة لتأمين احتياجات الصناعة المحلية من المواد الأولية والوسيطة، وضمان تصدير السلع المحلية ذات الميزة التنافسية مما يحقق رؤية وأهداف قطاع التجارة، ويتمثل دور الدولة الأكبر في تهيئة المناخ الاستثماري المناسب لعمل قطاعي التجارة والصناعة، كما أن كمية وقيمة الاستثمارات التجارية والصناعية الموظفة ليست بكميتها، بل بأهمية إدارتها بالشكل الأمثل وانتقاء الأكثر جدوى وفاعلية لتحقيق أكبر عائد على الاستثمار، وأعلى قيمة مضافة متحققة.

المصدر : البعث  http://syrianexpert.net/?p=36667

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

20 − خمسة عشر =

آخر الأخبار