اوروبا العجوز ضحية المواجهة الأمريكية الروسية؟

بقلم الدكتور قحطان السيوفي

اوروبا العجوز ضحية المواجهة الأمريكية الروسية؟

روسيا وأوكرانيا: خرائط توضح مستجدات الحرب والتطورات على الأرض - BBC News  عربي

بقلم الدكتور قحطان السيوفي

العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا المستمرة احدثت تغييرا عالميا
كبيرا وقلبت كثيرا من الأمور رأسا على عقب بعد مضي أكثر من 100 يوم على نشوبها، صار تأثيرها محسوسا خارج نطاق الجغرافيا التي تدور رحى الحرب فيها. ادخلت العالم في نفق مشحون بالأزمات الأمنية والاقتصادية
والغذائية والاجتماعية اوروبا العجوز تواجه أوقاتا عصيبة وصدمة كبيرة ثلاثية الأبعاد: صدمة الأسعار وصدمة الطاقة وصدمة اللاجئين الأوكرانيين.  الأوروبيون يحاولون التعايش معها؛ ارتفع التضخم إلى 8.1 في المائة في أيار الماضي..

قراءة المشهد الاوروبي يتطلب النظر عن كثب في القوى التي تؤثر في العرض والطلب في اقتصاد منطقة اليورو منذ التعافي من فيروس كورونا الصيف الماضي.  مع الازمة الأوكرانية.

وفي الأشهر المقبلة، سيتراجع الطلب بسبب ضغط تكلفة المعيشة جراء ارتفاع أسعار الطاقة على دخل المستهلك وسواء ظلت معدلات النمو ضعيفة أو أصبحت سلبية، فإن أوروبا تحتاج إلى المزيد من الإنفاق … لأن ارتفاع تكلفة النفط والغاز، بصفتها مستوردا صافيا للطاقة….

يقدر البنك المركزي الأوروبي أن الضريبة الفعلية على المستهلكين جراء
ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء والبنزين تصل إلى 1.3 في المائة من الدخل
القومي. هذه في الحد الأدنى هناك دلائل على أن ارتفاع الأسعار أصبح أوسع ليطول البضائع والخدمات في أوروبا. البنك المركزي   الاوروبي رفع وسيرفع أسعار الفائدة في تموز المقبل ثم يخرجها من المنطقة السالبة بحلول أيلول الوضع الاقتصادي الاوروبي بشع كما ذكرت صحيفة الفاينانشال تايمز.

ستكون تكاليف التعامل مع فقدان الثقة في قدرة السلطات على التحكم في الأسعار كبيرة، ستكون الأشهر المقبلة بائسة بالنسبة للاقتصادات الأوروبية. سيتم تقليص الدخول، ومن المرجح حدوث ركود اقتصادي…  في وقت تفطم أوروبا نفسها عن الطاقة الروسية الرخيصة واشنطن تعترف بأن الحصار الاقتصادي الذي فرضه الغرب حول روسيا يتعثر ولا يحقق المبتغى منه وأن له انعكاسات سلبية على الأطراف التي تنفذه.

فالأسعار ترتفع بسرعة في اوروبا وأمريكا والتضخم يبلغ في مستويات غير مسبوقة…  الاقتصادات الغربية تتحمل وزر وتبعات العقوبات والحصار الذي يبدو كسيف ذي حدين، أحدهما يرتد على الغرب وخاصة الاقتصادات الأوروبية التوقعات تشير إلى انكماش اقتصادي سيضرب الدول الأوروبية التي صُدمت من ارتفاع أسعار الطاقة والتحولات والمعادلات الجديدة المؤثرة في سلاسل التوريد والتجارة. وهي تحاول جاهدة التعويض عن نقصان واردات الطاقة من روسيا، وكبح المسار التصاعدي للأسعار، حيث إن لتر الوقود لبعض المشتقات يقترب من ثلاثة دولارات الاتحاد الأوروبي، بإعلانه الحظر على نحو 90 في المائة من الواردات من النفط الروسي في غضون الأشهر الثمانية المقبلة. أضر بالعديد من الدول الأوروبية، ويعتبر الخبراء أن الاتحاد الأوروبي لن يكون قادرا على خفض صادرات النفط من روسيا إلى الصفر، لأن ذلك ” بعيد عن الواقع وغير عملي” والمصافي في بعض هذه البلدان بنيت خصيصا لمعالجة الخام الروسي، وأن البحث عن بديل سيخلق مشاكل خطيرة لها.

لقد أحدثت فواتير الكهرباء صدمة كبيرة لدى الاوروبيين في الشتاء… بالنسبة للشتاء المقبل؟ منذ الآن، شرعت الحكومات في تقديم نصائح
لتغير أسلوب الحياة ومنها الاكتفاء بتدفئة غرفة واحدة في البيت، أو
تقليل معدل درجة الحرارة داخل المنزل وعدم تنوير كل المنزل…
أسعار المواد الغذائية التي منشؤها روسيا أو أوكرانيا تشهد طفرات كبيرة،
فمثلا وصل سعر لتر زيت الطعام إلى نحو خمسة دولارات. ولم تستثن طفرة
الأسعار المواد الغذائية المنتجة محليا في اوروبا. كالحليب ومشتقاته،
هذه المواد شهدت ارتفاعا ملحوظا أيضا، سببه صدمة أسعار الوقود
قالت كبيرة الخبراء الاقتصاديين في منظمة التعاون والتنمية، لورانس بون
لصحيفة “لوجورنال دو ديمانش الفرنسية” إن الازمة الأوكرانية سنكلف أوروبا
“نقطة إلى نقطة ونصف” من النمو ، وسيرتفع التضخم “نقطتين إلى نقطتين ونصف واكدت على إجراء “تفكير متعمق حول مواضيع  أمن الغذاء والطاقة وتنظيم التبادلات التجارية   والتضخم سيظل مرتفعا هذا العام  بالمقابل المستشار الألماني، أولاف شولتس، يقول إن الحرب الاوكرانية، جعلت برلين تعيد التفكير في أمنها القومي، وأن نمضي قدماً لنخرج من
التبعية الروسية في مجال الطاقة  علما ان  الصناعة الألمانية قوية  لكنها
مستهلكة جدا للطاقة  والألمان أكثر تمسكاً بفكرة التصالح مع روسيا،
والمراهنة على العلاقات الاقتصادية، لضمان أمن أوروبا ذكرت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية يوم 15 ايار 2022: إن الاتحاد الأوروبي
بات متخوفا جراء تداعيات أزمة أوكرانيا من الركود الاقتصادي،
و”الدول التي تدعم أوكرانيا وتفرض عقوبات على روسيا تضر أيضا
باقتصاداتها. وقد بلغ حجم الدعم الاوروبي العسكري والاقتصادي   المقدم
لأوكرانيا 3.5 مليار يورو والمتوقع أن يستمر وسيضغط سلبا على اقتصاد
اوروبا ويساهم في زيادة التضخم الولايات المتحدة الأمريكية تسير عمليا على طريق التضحية بالمصالح الأوروبية الاقتصادية وتحويل القارة العجوز إلى درع في مقدمة خطوط المواجهة مع روسيا وبالتالي ستصبح اوروبا العجوز ضحية الأزمة الاوكرانية والمواجهة الأمريكية الروسية؟

الدكتور قحطان السيوفي

18 / 6 /2022

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

خمسة × 1 =

آخر الأخبار