أهمُّ أوراقنا الاقتصاديّة الرابحة تحترق ببطءٍ بين أيدي ” آكلي البيضة والتقشيرة”..
الخبير السوري – خاص:
أهمُّ أوراقنا الاقتصاديّة الرابحة تحترق ببطءٍ بين أيدي ” آكلي البيضة والتقشيرة”..
الخبير السوري – خاص:
خيراً فعلت وزارة الاقتصاد – بل وخيراً كثيراً – عندما كانت بالغة التحفّظ بإصدار قرارات السماح بتصدير الأغنام، إن كان لا بدّ من التصدير كاعتبار اقتصادي مهم إن أحسنّا إدارته..فالاحصاءات عن أعداد القطيع لم تعد بتلك الدقة المطلوبة لاتخاذ القرار.
لكن ثمة بوّابات مُشرعة للتصدير غير الشرعي، تتولّاها ” مافيات الحدود” تفوّت العائدات والمنفعة الإيجابية لإدارة الملف من قبل الوزارة..فالموانئ اللبنانية و ميناء العقبة الأردني، باتا البديل لمرفأي طرطوس واللاذقية المنفذين الطبيعيين والشرعيين لتصدير العواس السوري..وهناك تسريبات تتحدّث عن أرقام هائلة تذهب باتجاه أسواق الخليج وخصوصاً السعودية وقطر..البلدان اللذان ينتظران تلقّف ما أبقى عليه الإرهاب من هذه الثروة السورية.
تختبئ وراء إحدى ورقات بوكر الاقتصاد السوري صورة الأغنام المميزة وقد تشكل ورقة الجوكر في استقطاب قطع أجنبي أو تسويق المواد الزراعية الكاسدة، ولكن هناك من كان دائماً يتخوّف من حرقها بقرارات متسرّعة كانت تجري في أروقة رسمية من قبل أشخاص نافذين وليس مؤسسات.. وهذا واقع طالما لامسناه طيلة سنوات ما قبل الأزمة.
الواقع أنه لا يختلف الكثيرون عند الإقرار بتميز لحوم الأغنام السورية عن غيرها وخصوصاً في دول الخليج حيث تصل أسعارها إلى أضعاف أسعار منافساتها من اللحوم ذات المصادر المختلفة، ولا تخفى على اقتصاديينا تلك القيمة والخصوصية، ولكن هل فكرنا بالاستفادة منها أو فضلنا تقديمها على طبق من فضة للمستهلكين في الخارج، ولمصدّريها الذين جنوا غلالاً وفيرة حتى التخمة من نشاطهم وأدّوا تقريباً إلى حذفها من أطباق المواطن السوري الذي بحث منذ فترة عن لحوم مستوردة ومجمدة ولحوم عواسه تنافس في الخارج. .؟؟
نذكر منذ خمس سنوات أن أحد المسؤولين المهمين في وزارة الاقتصاد، أحجم بطريقة مريبة عن التحدث في حيثيات الأمر خوفاً على حد قوله من ردّة فعل السوق السوري وارتفاع أسعار المادة إن كان التصريح مباشراً من شخص بمركزه الاقتصادي.
حينها كانت وجهة نظر خالد سلوطة معاون وزير الاقتصاد التي ساقها لنا أقرب إلى “التوزيعة” منها إلى التعاطي المسؤول مع مسألة نعتقد أنها استراتيجية في الحسابات الاقتصادية، فالأمر يبعث على الريبة لأن القرار إن كان لمصلحة الاقتصاد والمستهلك فلمَ تؤثر توابعه في الأسعار إلا إذا كان “أضرب من غيره”، في حين يذهب بعض المتابعين إلى إلقاء اللوم على ذلك المتهرب من الإجابة والشطر الذي يتولى إدارته في سياق مهام وزارة الاقتصاد بالتسبب في أغلب أحداث المشكلة ويتهمه بوصول الوضع إلى هذا الحد بسبب التطبيقات الخاطئة لوزارة الاقتصاد على صعيد التجارة الخارجية.
سلوطة أصرّ – في العام 2012 – على أن قرار تصدير 500 ألف رأس من الأغنام السورية جاء تلبية لطلبات المعنيين بعد إعداد الدراسات في وزارة الاقتصاد والتجارة بمساعدة الزراعة والإصلاح الزراعي والاتحاد العام للفلاحين التي اكتشفت وجود فائض 700 ألف رأس يمكن تصديرها، وذهب البعض إلى التشكيك بهذا .
إن عدنا إلى اعتبار ورقة الأغنام هي جوكر الاقتصاد السوري فيمكنه الاستفادة منها بطرق عديدة طرحها عدد من الاقتصاديين، فإن كان التصدير لابد منه فلنستفد بالطرق الأمثل، وأحد هذه الطرق برأيهم هو تثقيل العواس السوري باعتبارها مطلوبة وخاصة في دول الخليج بمواد زراعية تمر بحالة من الكساد وزيت الزيتون أحدها مثلاً، وهكذا يمكن إحداث انتعاش في مجالات من الإنتاج الزراعي الأخرى، ولا يستهان بهذه الفكرة إذا أحصينا مدى استجرار دول الخليج للأغنام والعواس السورية وكميات المواد التي يمكن أن نرسلها على حجتها.
وهناك من يطرح الاستفادة من الوجه الداخلي المستفيد وهو المصدر الذي يعتبره البعض صاحب الحصة الأكبر من الأرباح، وذلك بإيداع قيمة من القطع الأجنبي عن كل رأس كاعتماد تصدير، وهكذا يمكن ضمان الاستفادة من القطع الأجنبي أو إيداع مبالغ بالعملة السورية للحفاظ على سعر اللحوم في السوق.
أحد أساتذة الاقتصاد يجد أن الوسيلة الأفضل للاستفادة من ميزات الأغنام السورية هي زيادة إنتاجها ومضاعفة أعدادها ما ينعكس على المربي السوري والمستهلك والمصدّر وبالنهاية على الاقتصاد، وزيادة أعدادها ستتم برأيه عن طريق زراعة الأعلاف محلياً ببادية تصل إلى 8 ملايين هكتار، في حين نستورد الأعلاف التي تزيد تكاليف الإنتاج.
ووجد أن فرض ضرائب على المصدرين وطلب إيداع قطع أجنبي أكبر هي حلول مناسبة إن قضينا على فساد الجهات المقيمة للأعداد التي تقيم الضرائب.
أخيراً لا يبقى إلا اعتبار أن التصدير أمر لابد منه، ولا ننكر مدى الاستفادة منه، ولكن يمكن لوقوع هذه الفأس أن ترجع بالخير على الاقتصاد والمستهلك.
لكن….وهذه الـ “لكن” لها ما لها من أهميّة..لماذا لا نختصر ومن الآخر ونقوم نحن في سورية بتصنيع وتعبئة لحوم العواس السوري..تخيلوا أن تتحوّل سورية إلى بلد مصدّر للمعلبات تحت اسم ” مرتديلا عواس” ألن تلقى رواجاً هائلاً في الأسواق الخارجية ولا سيما أسواق الخليج التي تحفل بمعلبات لحوم الأبقار الهولندية ؟؟
العواس ثروة لا بد لنا من أن نحسن استثمارها والاستفادة القصوى منها..والأهم أن نتمكّن من قمع تهريب أغنامنا وقطعان الماعز الجبلي..فهذ نزيف اقتصادي مخيف يجب إيقافه مهما كانت الوسيلة حتى لو احتجنا إلى تشريعات قاطعة مانعة أي غير تقليدية.