الحوار الكامل مع مدير عام هيئة الاستثمار: استثمارات 2007 غير مرضية  

يعقوب قدوري - سيريانيوز

الحوار الكامل مع مدير عام هيئة الاستثمار: استثمارات 2007 غير مرضية  

     

الاخبار الاقتصادية

“الاستثمارات يجب أن تنعكس على مستوى معيشة المواطن وإلا لا نكون فعلنا شيئا ”

أجرت سيريانيوز حوارا مع مدير عام هيئة الاستثمار السورية د. مصطفى الكفري قال فيه إن حجم الاستثمارت التي دخلت سورية في النصف الأول من العام الحالي غير مرضي ولم يتجاوز 40 مليار ليرة مقابل 470 مليار العام الماضي. وأشار إلى أن هناك تقصير في ترويج الاستثمار في سورية بين المستثمرين، معتبرا أن عدم استقرار المنطقة هو سبب عدم إقبال الشركات العالمية على الاستثمار في سورية.

وذكر الكفري أن الاستثمارات يجب أن تنعكس على مستوى معيشة المواطن “وإلا لا نكون فعلنا شيئا”.

وأشار إلى أن البنية التحيتة في سورية من طرق وكهرباء كانت مقبولة قبل “الفورة” في السنوات الأخيرة ، مقرا بضرورة تطوير هذه البنية لتصبح جاذبة للاستثمار، وهو ما تعمل الحكومة على تحقيقه من خلال إنشاء طرق سريعة وتطوير المطارات ودعوة القطاع الخاص للاستثمار في توليد الكهرباء.

وتسعى الحكومة السورية إلى جذب استثمارات خارجية بقيمة 340 مليار ليرة سورية سنويا لتأمين نسبة نمو تصل إلى 7% في عام 2010 حسب الخطة الخمسية العاشرة، ما يعني جذب 1700 مليار ليرة كاستثمارات خارجية خلال سنوات الخطة الخمس.

وفيما يلي الحوار الكامل:

ما يدخل إلى سورية بشكل أساسي من استثمارات هو استثمارات عقارية فيما تحتاج سورية إلى صناعات ثقيلة واستثمارات كبيرة .. هل تتدخلون كهيئة استثمار في توجيه الاستثمارات الوافدة باتجاهات معينة؟

هناك لغط وشائعات تقول أن الاستثمارات التي ترد إلى سورية هي استثمارات عقارية مثلما كان يقال سابقا بأن الاستثمارات كلها صناعات العلكة والبسكوت والمياه الغازية .. هذا الكلام غير دقيق، إذ أن هناك استثمارات هامة جدا صناعية وزراعية ومشاريع نقل تدخل إلى البلد مثل مشاريع صناعة الاسمنت كما بدأ هذا العام إنتاج السيارات ومن المتوقع افتتاح معمل آخر لإنتاج السيارات هذا العام وهناك معمل لإنتاج السكر سيفتتح في تشرين ثاني المقبل بطاقة انتاجية تصل إلى مليون طن وبالتالي من المتوقع أن تتحول سورية العام المقبل من دولة مستوردة للسكر إلى دولة مصدرة له. كما أن هناك مصانع للمنتجات الزراعية والغذائية والنسيجية.

في الواقع ظهر نشاط عقاري في الستنتين الأخيرتين أدى إلى ما يمكن أن نسميه خضة في سوق الاستثمار العقاري، وأنا أعتقد أن الاستثمار العقاري يمكن أن يكون رافعة التنمية لأنه لا يعني بناء مسكن أو فيلا بل يعني بناء الفنادق والمولات التجارية والأبراج المكتبية والسكينة وإقامة المدن والضواحي.

الاستمثار العقاري يجر وراءه سلسلة من عدة حلقات من المنتجات مثل مواد البناء والاسمنت والحديد والأخشاب والألمنيوم إضافة إلى تشغيل اليد العاملة .. لا أنكر أن الاستثمار العقاري حاليا طاغي، لكنها مرحلة.

هناك مشروع النافذة الواحدة لتسهيل الإجراءات على المستثمرين .. أين وصل هذا المشروع ومتى يبدأ العمل في النافذة الواحدة؟

حاليا نحن نضع آلية عمل النافذة الواحدة وطلبنا من الوزارات ترشيح ممثلين عنها للعمل في النافذة الواحدة، كما طلبنا من جهات معينة تجهيز المكان الذي يتعمل فيه النافذة الواحدة ونتوقع أن تبدأ بالعمل قبل نهاية هذا العام أو بداية العام المقبل.

هل أصبحت البيئة الاستمثارية في سورية جاهزة حقيقة لجذب الاستثمارات؟

المناخ الاستثماري تحسن كثيرا خلال السنوات الخمس الماضية وأصبح مناخا جاذبا للاستثمارات والدليل تنامي تكاليف المشاريع الاستثمارية المشملة بأحكام قوانين تشجيع الاستثمار.

لا أقول أننا وصلنا إلى الدرجة القصوى من جذب الاستثمارات. لا تزال إمكانات سورية أكبر بكثير مما تم الوصول إليه ويمكن أن نتخذ إجراءات عديدة تؤدي إلى تحسين البيئة الاستثمارية.

هناك قوانين مهمة للبيئة الاستثمارية لم تصدر حتى الآن مثل قانون الشركات .. متى ستصدر هذه القوانين؟

البيئة التشريعية جزء مهم من البيئة الاستثمارية ونحن بحاجة إلى صدور قانون الشركات والقانون التجاري.

نحن نشارك بالدراسة والمناقشة مع الجهات المعنية بإصدار هذه القوانين، أما إصدارها فهو ليس منوط بهيئة الاستثمار السورية، ولا شك أن صدورها يؤدي إلى تحسين البيئة الاستمثارية السورية.

ما الذي تحتاجه سورية أيضا لتحسين بيئتها الاستثمارية؟

ما تحتاجه سورية هو الترويج للاستثمار، لا نزال في سورية مقصرين من ناحية تعريف المستثمرين بمزايا الاستثمار في سورية وما حدث من تطورات. وخاصة تجاه المستمثرين السوريين المغتربين والمستمثرين العرب والأجانب. لا يزال عدد كبير من المستثمرين يظنون أن التخطيط الاقتصادي والشمولية موجودة في الاقتصاد السوري بينما تم اعتماد اقتصاد السوق الاجتماعي منذ المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث عام 2005، وبالتالي هناك تحول وتشجيع للقطاع الخاص ومنحه مزايا وفتح كافة المجالات أمامه. الآن متاح أمام القطاع الخاص الاستثمار في أي أي مجال أو نشاط اقتصادي باستثناء ثلاث أنواع من الأنشطة وهي إدارة حصر التبغ والتنباك وحلج الأقطان وتعبئة المياه.

لماذا لم تنجح سورية حتى الآن في استقطاب الشركات العالمية الكبيرة للاستثمار فيها؟

سورية بلد آمن ومستقر والجميع يشعر بهذا، لكن المنطقة المحيطة بسورية هي منطقة على فوهة بركان. سواء ما يجري في العراق من تفجيرات وتدمير يومي، أو السياسة العدوانية الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة تجاه أشقائنا الفلسطينيين، وما يجري في لبنان أحيانا كثيرة والحرب العدوانية الإسرائيلية الأخيرة على لبنان. رأس المال ينظر إلى المنطقة، لذا أعتقد أن إحجام الشركات المتعددة الجنسية عن الاستثمار يعود بشكل رئيسي لهذا العامل.

ولكن هناك الآن العديد من الشركات المتعددة الجنسية بدأت تستثمر في سورية وخاصة في قطاع الغزل والنسيج مثل كيكرز ويونايتد كلرز اوف بنيتون وبست ماونتن، كما أن هناك شركات كبيرة في الصناعات الغذائية مثل شركة نستلة و شركة بيل فراماجوري. وهذا يعني أن هذه الشركات اطمأنت إلى مناخ الاستثمار في سورية رغم الظروف المحيطة.

هل البنية التحتية السورية جاهزة لاستقبال الاستثمارات في ضوء حالة الماء والكهرباء والاتصالات والطرق والموانئ والمعابر الحدودية التي لا تبدو جاهزة؟

البنية التحتية في سورية ،إلى ما قبل الفورة التي حدثت في السنوات الأخيرة، كانت مقبولة من قبل المستمثرين، لكن اليوم عدد السيارات الكبير الذي بدا يضغط على الطرقات، والموانئ بدات تستقبل كميات أكبر من البضائع. نحن نحتاج إلى تطوير البنية التحتية، والحكومة الآن تنظر في هذا الموضوع حيث تم الإعلان ،على سبيل المثال، عن طريق سريع يمتد من الحدود الأردنية إلى الحدود التركية، وآخر من مرفئ طرطوس إلى الحدود العراقية. كما أن وزارة النقل تعلن الآن عن إمكانية تطوير المرافئ، ووزارة الكهرباء أعلنت عن إمكانية أن يقوم القطاع الخاص بإنشاء محطات توليد للطاقة الكهربائية. كل هذه العناصر هي نوع من تحديث البنية التحتية لتصبح مساهمة في جذب الاستثمارات.

ولكن القطاع الخاص لا يقدم على الاستثمار في مشاريع إنشاء البنية التحتية لأن أرباحه تأتي على المدى الطويل .. ألا يجب أن تقوم الحكومة بهذه المهمة؟

هذا صحيح، معظم المستثمرين لا يرغبون في مشاريع البنية التحتية، بل يرغبون في مشاريع تكون فيها فترة استرداد رأس المال قصيرة. حاليا يمكن أن يكون هناك تنسيق بين الدولة وبين الشركات على نظام BOT مثلا، وهذا حاليا يطرح في سورية سواء في مجال الموانئ أو الطرقات، وهذا يمكن أن يساعد في حل مشكلة البنية التحتية.

سورية تسعى إلى جذب الاستثمار، لكن هناك أمور متعلقة بتوطين الاستثمار وعدم التسبب بهروبه فيما بعد .. هل تضطلع هيئة الاستثمار بدور كهذا؟

نحن نسعى ليس فقط للتوطين، بل أن يكون المستثمر عبارة عن داعية للاستثمار في سورية وهذا يتحقق عندما يكون المستثمر مرتاحا فعلا، وهذا حدث مثلا في مؤتمر المغتربين الأخير عندما تحدث مدير عام شركة نستلة في محاضرة عن المحفزات الجديدة التي أعطتها سورية للمستثمرين وعن نجاح أعمال الشركة فيها.

الحقيقة لم نصل بعد إلى مستوى يشبع رغبات المستثمرين، لكننا نتعاون معهم في حل أي مشكلة تواجههم.

يشاع أن هناك شركات كبيرة دخلت السوق السورية وأحست أنها تورطت؟

مثل ..

مثل شركة إعمار .. يقال أن هناك مشكلة في البيع؟

شركة إعمار ما تزال تنفذ مشروعها ولم تتوقف .. والمشكلة أعتقد أنها حلت. نحن في مرحلة انتقالية، ولا بد أولا من خلق ثقافة استثمارية واقتناع المجتمع أن المستثمر جاء ليسهم في عملية التنمية وليخلق فرص عمل، وهذا الأمر يحتاج إلى وقت.

متى يبدأ المواطن السوري بتلمس نتائج الاستثمارات التي تدخل إلى سورية؟

هناك نتائج مباشرة يلمسها المواطن مثل فرص العمل. فعندما يخلق أي مشروع ألف فرصة عمل، هذا يعني أن ألف عائلة عاشت من وراء هذا المشروع. لكن هناك نتائج غير مباشرة تتمثل في زيادة الناتج المحلي الإجمالي عندما يزيد الإنتاج، وزيادة حصة سورية من القطع الاجنبي عندما تزيد الصادرات .. وهذه النتائج تحتاج إلى فترة زمنية .. وأنا أقول أن الاستثمارات يجب أن تنعكس إيجابا على مستوى معيشة المواطن وإلا لا نكون فعلنا شيئا.

ما حجم الاستثمارات التي دخلت سورية في الأعوام الماضية؟

حجم الاستثمارات التي دخلت سورية تحت مظلة القانون رقم 10 وتعديلاته في عام 2004 بلغت 203 مليار ليرة سورية وفي عام 2005 حوالي 370 مليار وفي عام 2006 بلغت 470 مليار. وهذا يوضح الاتجاه التصاعدي في جذب الاستثمارات.

وماذا عن العام الحالي؟

أنا غير راض عن حجم الاستثمارات في 2007 والتي لم تتجاوز في النصف الأول من العام 40 مليار ليرة سورية.

أعتقد أن السبب هو أننا الآن في مرحلة انتقالية من أحكام القانون رقم 10 إلى أحكام المرسوم التشريعي رقم 8، وبالتالي يدرس المستثمرون الآن هذا المرسوم ويحاولون الاطلاع على مزاياه والتسهيلات التي يمنحها، والقرار بالاستمثار يبقى لاحقا على ما أعتقد.

في عام 2007 نحن نحاول التركيز على التنفيذ.

تطمح الخطة الخمسية العاشرة إلى جذب استثمارات خارجية بقيمة 340 مليار ليرة كل سنة .. هل يمكن تحقيق هذا الرقم؟

نعم، إذ أن هناك أيضا غير الأرقام السابقة استثمارات سياحية واستثمارات حكومية تحت مظلة الوزارات المعنية واستثمارات لا تتم عبر قانون الاستثمار، لذا أعتقد أن أهداف الخطة الاستثمارية يمكن تحقيقها.

هل هناك نسبة من المشاريع الاستثمارية التي توافقون على تشميلها دون أن تنفذ مشاريعها فيما بعد؟

نسبة الشركات التي تنفذ مشاريعها هو 60% فقط و 40% لا تنفذ مشاريعها لأسباب تتعلق بالمستثمرين والظروف والتمويل وغيرها.

كيف تؤثر السياسة على الاستثمار وخاصة العقوبات الأمريكية على سورية؟

سورية عانت دائما من ضغوطات سياسية خارجية سواء من البنك الدولي أو أمريكا وغيرها. لن أقول أنه ليس لهذه الضغوط أثر .. لها أثر لكنه ضعيف لأن سورية انتهجت نهج الاعتماد على الذات، فسورية دولة تأكل مما تنتج وتلبس مما تنسج وبالتالي ارتباطنا بالعالم الخارجي ليس مهما كثيرا .. لاشك له أهميته ولكن يمكن أن نستغني. فسورية مثلا تنتج 4 مليون طن من الأقماح ومليون طن من القطن ومليون طن من الشوندر إضافة إلى فائض من الخضار والفواكه، وزيت الزيتون الذي سيكون في المستقبل نفط سورية الذي لا ينضب. هذا كله يخفف من حدة الضغوط الخارجية على الاقتصاد السوري الذي أيضا استطاع أن يتحمل صدمة العراقيين الذي لجؤوا إلى سورية.

التوجه نحو جذب الاستثمارات هو قرار سياسي .. فهل يأخذ القرار السياسي في اعتباره أن الدخول في عملية سلام وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي يجذب استثمارات إضافية؟

لاشك في هذا، نحن نعتقد أن حصة المنطقة بأكملها من الاستثمارات العالمية ضعيفة والسبب هو عدم الاستقرار والصراع العربي الإسرائيلي والاحتلال الأنكلو أميركي للعراق، وهي كلها عناصر تؤدي إلى طرد الاستثمارات. وعندما يكون هناك سلام أعتقد أن المنطقة سوف تزدهر ازدهارا كبيرا جدا وتحقق تنمية عالية وتنعكس إيجابا على مستويات معيشة الناس. لذلك سورية مع السلام ولكن السلام العادل الذي يعيد الحقوق.

يعقوب قدوري – سيريانيوز

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

واحد × خمسة =

آخر الأخبار