الملاحة البحرية في عصر السيادة العربية الإسلامية

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري

الملاحة البحرية في عصر السيادة العربية الإسلامية

تاريخ مؤسسة البحرية الإسلامية.. حاصرت القسطنطينية 29 مرة وضمّ أسطولها  المصري 36 ألف سفينة ووضعت أدق الخرائط لقارة أميركا | تراث | الجزيرة نت

الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري

المقدمة:

بالرغم من توصل الباحثين إلى نتائج مهمة حول الملاحة البحرية، إلا أنهم ما زالوا في خلاف شديد حول تحديد اسم البلد الذي ظهر فيه فن الملاحة. ويذهب بعض الباحثين إلى أن الفينيقيين، هم أول من جاب البحار، وأول من أسس المستعمرات التجارية. لكنهم حفظوا سرهم وكتموا ما توصلوا إليه من معلومات في مجال الملاحة البحرية، فكانوا أول الرواد الذين أبحروا غربا للتجارة والكسب. أما كيف تعلموا ركوب البحر، فثمة أساطير تلقي أضواءً على نشاطاتهم الأولى، ومنها أن الصدف شاءت أن يكون هناك قوم منهم يقطنون سواحل الشام في غابات واسعة الأرجاء، فضربت صاعقة رؤوس الأشجار، فاشتعلت، وامتد اللهب إلى أن التهم كل أشجار الغابة، ولما لم يجد أهل تلك المناطق نجاة من النار عمدوا إلى قطع أشجار تلك الغابة المحترقة ما أمكنهم وألقوها في البحر، واعتلوا متنها وكان قائدهم أوزوس، ثم سعى الفينقيون فيما بعد إلى تحسين هذا القارب البسيط. [1]

هناك رواية أخرى تقول بأن المصريين، هم أول من صنع المراكب فقد بدؤوا باعتلاء جذوع الأشجار من أحد شواطئ النيل إلى الشاطئ المقابل، ثم ربطوا الجذوع إلى بعضها، وشدوا وثاقها بالأعشاب المتينة كالبردي، وكونوا منها كتلا من الخشب أمسكوها بأيديهم مستعملين أقدامهم كمحركات، ثم جعلوا فيها مقاعد واستعملوا أيديهم أو قطعا من الخشب كمجاديف إلى أن أتقنوا صنعها، فحفروا تلك الكتل الخشبية وجوفوها، فصارت مراكب أخذت تطفو على سطح الماء. ويرجع تاريخ أول صورة مركب شراعي مصري إلى سنة 6300 قبل الميلاد. [2]

كما برع العراقيون في صنع وسائل لنقلهم عبر دجلة والفرات، وعلى جدران معابدهم ما يثبت ذلك، ففي خور سيباد مثلاً رسوم تشبه (الكياك) المعروف. وتطور فن الملاحة على يد اليونانيين، والرومان القدماء، ومع هذا فقد كان الرومان يستخدمون سفن الفينيقيين في حروبهم وتجارتهم. لكن لا أحد يستطيع أن ينكر سفينة سيدنا نوح التي كانت من أحكم وأتقن ما سبق ذكره من سفن ومراكب، إذ قال تعالى: (وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون). [3]

أولاً – تاريخ ركوب البحر على سفينة أو نحوها:

(الإبحار أي ركوب البحر على سفينة أو نحوها، أمر عريق في القدم، والظاهر أن الذي ساق الإنسان إلى ركوب البحر رؤيته الأشجار، أو جذوعها على ظهر الماء، فحاول حينئذ صنع شيء يتخذه من الخشب ليركبه ويسير به على الماء … يرتبط تاريخ السفن، بتاريخ كفاح الإنسان الطويل، من أجل فك مغاليق أسرار الطبيعة. وللملاحة منزلة رفيعة بين اكتشافات الإنسان المتعددة، هي دليل ناصع على جرأة الإنسان وعناده).[4]

ظهرت في القرن الثالث للميلاد عوامل تغييرات كبيرة في المنطقة المجاورة لشبه الجزيرة العربية، من أهمها وصول الساسانيين إلى حكم الإمبراطورية الفارسية في عام 225 م، واتجهت الإمبراطورية الرومانية، سيدة الملاحة في المتوسط، نحو الشرق، وكان التحول الكبير عندما نقلت عاصمتها إلى القسطنطينية عام 330 م. واحتدم الصراع بين الإمبراطوريتين في ميادين عده وكانت التجارة واحدة من هذه الميادين. ونجحت الإمبراطورية الفارسية في إحكام سيطرتها على تجارة الشرق الأقصى وبخاصة تجارة الحرير براً وبحراً. كما سيطر الاكسوميون (الأحباش) على الملاحة والتجارة في البحر الأحمر بسبب ضعف العرب والضعف اليوناني والروماني في تلك المرحلة. وظلت السيطرة للعرب على الطريق التجاري البري المار عبر أراضيهم في غرب شبه الجزيرة العربية من اليمن حتى تخوم الشام، وقد مارس السيادة على هذه الطريق كل من قريش والغساسنة والمناذرة على طرفي بادية الشام.

ظهر الإسلام في قلب المنطقة العربية وانتشر في مختلف بقاع العالم. ووحدت الفتوحات العربية الإسلامية السيادة على المنطقة العربية ومناطق كثيرة مجاورة لها. وأحدث هذا الأمر تغيرات هائلة في الأوضاع السائدة في المنطقة وما حولها في كل نواحي الحياة ومن أهم هذه التغيرات:

1 ـ وحدت الفتوحات العربية منطقة العراق والخليج العربي مع سورية ومصر، وأزالت الانقسام الذي أوجده خلفاء الاسكندر، ثم تكرس في أيام سيادة الإمبراطوريتين الساسانية والبيزنطية. ونتج عن ذلك خضوع طريقي الخليج العربي والبحر الأحمر اللذين يعدان طريق الانطلاق نحو الشرق الأقصى فاستعملا جنب إلى جنب طوال عصر السيادة العربية الإسلامية، وظلا طريقين متساويين يسلك كل منهما لبلوغ ما قاربه من أرض الخلافة.

2 ـ كان البحر الأبيض المتوسط بحيرة رومانية وامتدت سيطرة البيزنطيين عليه لفترة طويلة، وكان لهم أسطولهم البحري القوي وممتلكاتهم المترامية الأطراف التي تشمل جزءاً من أوروبا إضافة إلى سورية ومصر والمنطقة القريبة من الساحل في الشمال الأفريقي. لكن الفتوحات العربية الإسلامية أفلحت في الحد من هذه السيطرة وانتزعت من البيزنطيين كل شواطئ المتوسط الشرقية والجنوبية والغربية. ولم يبق لبيزنطة سوى الشواطئ الشمالية.

وقد حاول البيزنطيون استعادة ما فقدوه عن طريق الإغارة على الشواطئ العربية الإسلامية بأسطولهم القوي، الذي فرض حصاراً على الشواطئ العربية ومنعها بالتالي من القيام بأية مبادلات تجارية مع البلاد التي كانت تتعامل معها قبل الفتح الإسلامي. مما دفع العرب المسلمين نحو التوغل أكثر باتجاه الشرق والتركيز على التجارة مع الشرق الأقصى.

يعد القرن السابع الميلادي بداية مرحلة تحول كبرى في تاريخ العرب الاقتصادي والسياسي والحضاري، حيث خرج العرب من موطنهم الأصلي في شبه الجزيرة العربية حاملين راية الإسلام إلى جيرانهم من الأمم. وقد استطاع العرب بحماسهم لنشر الدين الجديد فتح أهم بقاع العالم القديم، الممتدة من نهر الفرات شرقاً إلى نهر النيل غرباً بسرعة خاطفة. ثم أخذوا يستعدون لنشر الدين الإسلامي في مختلف أرجاء العالم.

 

رابط البحث كامل بصيغة بي دي اف: الملاحة البحرية في عصر السيادة العربية الإسلامية

 

الملاحة البحرية في عصر السيادة العربية الإسلامية

Contents

المقدمة: 2

أولاً – تاريخ ركوب البحر على سفينة أو نحوها: 3

ثانياً – الملاحة وركوب البحر عند العرب: 4

ثالثاً – أنواع المراكب البحرية العربية: 7

رابعاً – تاريخ الملاحة البحرية العربية الإسلامية: 9

خامساً – الملاحة البحرية في العصر الأموي: 11

سادساً – الملاحة البحرية في العصر العباسي: 12

سابعاً – الملاحة البحرية العربية الإسلامية في المغرب والأندلس: 13

ثامناً – الملاحة في عصر الدولة الطولونية والدولة الفاطمية والدولة الأيوبية: 14

تاسعاً – حملات الفرنج على السواحل المصرية: 16

 

 

 

 

 

[1]  – انظر: جورج فاضلو حوراني، العرب والملاحة في المحيط الهندي، ترجمة وزاد عليه الدكتور السيد يعقوب بكر، مكتبة الانجلو المصـرية، القاهرة، ص 16. http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45257

[2]  – المصدر السابق، ص ص 29 ـ 30.

[3]  – سورة يس ، الآية (41 ).

[4]  – أ. د. إبراهيم خليل العلاف، السفن والمراكب في الخليج العربي .. قصة كفاح مجيد

http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45257

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

ستة عشر − 7 =

آخر الأخبار