هل تستحق عملة “فيسبوك” كل هذا الضجيج والذعر الأوروبي والأميركي؟
خالد المنشاوي صحافي مختص في الشؤون الاقتصادية الجمعة 19 يوليو 2019
هل تستحق عملة “فيسبوك” كل هذا الضجيج والذعر الأوروبي والأميركي؟
“بتكوين” تتجاهل انتقادات رؤساء حكومات ودول كبرى… وتقود صعوداً قوياً بسوق العملات الرقمية
خالد المنشاوي صحافي مختص في الشؤون الاقتصادية الجمعة 19 يوليو 2019
يخشى صناع السياسة النقدية من تبني 2.38 مليار مستخدم على “فيسبوك” على نطاق واسع العملة الرقمية “ليبرا” مما يثير العديد من المخاوف (رويترز)
تحوّل الهجوم الأوروبي والأميركي على عملة “ليبرا”، التي أعلنت شركة “فيسبوك” إطلاقها في الربع الأول من العام المقبل، إلى حالة من الذعر والقلق بعدما تخطت التصريحات حدود مسؤولي البنوك المركزية أو وزراء المالية، إلى مؤسسات وكيانات دولية، وأيضاً رؤساء دول كبرى مثل الرئيس الأميركي الذي بدا وكأنه يناصب العملة المرتقبة لـ”فيسبوك” العداء.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وقبل أيام، وجّه سهامه صوب سوق العملات الرقمية المشفرة، وقال “لستُ من أنصار (بتكوين) والعملات المشفرة الأخرى، لأنها ليست أموالا، إذ تتقلّب قيمتها بشدة وتستند إلى اللاشيء”.
وأضاف “إذا كانت فيسبوك وشركات أخرى ترغب في أن تصبح بنكا، عليها السعي لميثاق مصرفي جديد وأن تصبح خاضعة لجميع القواعد التنظيمية المصرفية، تماما مثل باقي البنوك المحلية والدولية”.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، قالت شركة “فيسبوك” إنها ستطلق عملتها المشفرة العالمية في 2020. وستشكل “فيسبوك” و28 شريكا، بينهم “ماستركارد” و”باي بالهولدنغز” و”أوبر تكنولوجيز”، اتحاد “ليبرا” لإدارة العملة الجديدة. ولا توجد بنوك في الوقت الراهن ضمن المجموعة.
لكن يخشى صناع السياسة النقدية والهيئات الرقابية المالية في الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية من تبني النظام المالي على نطاق واسع للعملة الرقمية من قبل 2.38 مليار مستخدم على “فيسبوك”، مما يثير العديد من المخاوف.
كيف علّق وزراء مالية دول مجموعة السبع؟
وخلال لقاء وزراء مالية دول مجموعة السبع، لاقت خطة “فيسبوك” صخبا من مسؤولي الهيئات التنظيمية والبنوك المركزية والحكومات، والذين طالبوا “فيسبوك” بضرورة احترام القواعد التنظيمية المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال وضمان أمن الصفقات وبيانات المستخدمين.
لكن هناك أيضا بواعث قلق أعمق من أن نفوذ شركات التكنولوجيا الكبيرة يتغلغل بشكل متزايد في مجالات كانت حكرا على الحكومات، مثل إصدار العملة.
وقال وزير المالية الفرنسي، برونو لومير، للصحافيين “لا يمكننا أن نقبل بأي عملات متداولة لها نفس قوة ودور العملات السيادية”.
وقال وزير المالية الألماني، أولاف شولتس، إن خطط فيسبوك يبدو أنها “لم تخضع لدراسة وافية”، مضيفا أن هناك أيضا تساؤلات بخصوص أمن البيانات، لافتا “أنا على قناعة بأن علينا العمل سريعا وأن عملة (ليبرا) لا يمكن أن تمضي قدما دون حل جميع الأسئلة القانونية والتنظيمية”.
وطلبت فرنسا، التي ترأس مجموعة الاقتصادات السبع المتقدمة هذا العام، من البنك المركزي الأوروبي تشكيل مجموعة عمل من الدول السبع لبحث العملات المشفرة والرقمية مثل ليبرا. ومن المقرر أن يقدّم بينوا كوير، عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، تقريرا أوليا للوزراء ومحافظي البنوك المركزية أثناء الاجتماع الذي تستضيفه بلدة شانتي شمالي باريس.
ويقول مسؤولو البنوك المركزية إنه إذا أرادت “فيسبوك” تلقي الودائع، فستحتاج إلى رخصة مصرفية، وهو ما سيخضعها للقواعد التنظيمية الصارمة المعمول بها في ذلك القطاع.
ويقول بعض مسؤولي البنوك المركزية أيضا إنه لا يمكن السماح للأشخاص بإجراء المعاملات دون كشف هويتهم نظرا للوائح القطاع المالي التي تلزم شركات المدفوعات بالاحتفاظ ببيانات أساسية عن عملائها.
ليست عملية تجريبية… إما أن تنجح أو لا تنجح
وقال بينوا كوير، عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي، والذي يرأس مجموعة عمل دولية بشأن “ليبرا”، إن الهيئات التنظيمية حول العالم لن تدع فيسبوك تطلق عملتها الرقمية “ليبرا” حتى يتم معالجة بواعث القلق الخاصة بها، والتي تتراوح من تبييض الأموال إلى الاستقرار المالي، مضيفا أنه قد تكون هناك حاجة إلى مناقشة مستفيضة.
وقال إن النطاق العالمي لشركة “فيسبوك” يعني أن العملة المشفرة يجب أن تكون آمنة “من أول يوم” لمستخدميها والنظام المالي وسلطات مكافحة الجريمة.
وأضاف “يجب أن تكون آمنة وقوية ومرنة من أول يوم… إنها ليست عملية تجريبية: إما أن تنجح أو لا تنجح”. وقال إن هناك حاجة إلى “مناقشة مستفيضة” بين الهيئات التنظيمية حول كيفية تغيير القواعد الوطنية والدولية القائمة لتشمل “ليبرا”.
هل تلعب “ليبرا” دوراً في تحقيق الشمول المالي؟
وفي تصريحات حديثة، قالت جيتا جوبيناث، كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، إن عملة فيسيوك الجديدة “ليبرا” المخطط لها يمكن أن تساعد في تعزيز الشمول المالي، لكنها تثير مخاوف بشأن حماية المستهلك وخصوصية البيانات وتبييض الأموال.
وذكرت أنه من المهم جداً أن تولي الهيئات التنظيمية في العالم اهتماماً وثيقاً بهذه التطورات وأن تتأكد من أنها ليست متأخرة للغاية في اتخاذ الخطوات الصحيحة.
وأشارت إلى أن صندوق النقد يفضل الشمول المالي الموسع، ويمكن أن تلعب العملات الرقمية دوراً في هذه العملية. وأوضحت أن هناك أسئلة مهمة تثار حول عملة فيسبوك من حماية المستهلك وخصوصية البيانات والتأثير على السياسة النقدية وغيرها من القضايا.
مخاطر “ليبرا” المحتملة أسوأ من تداعيات 11 سبتمبر
فيما هاجم براد شيرمان، عضو لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب الأميركي، عملة فيسبوك الجديدة “ليبرا”، مشيراً إلى أن مخاطرها المحتملة قد تكون أسوأ من الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وقال إن “مارك زوكربيرغ يخطط لإطلاق عملة مشفرة، مثل البيتكوين المثيرة للجدل التي ترتبط غالباً بتوفير خصوصية لتجار المخدرات، والمتاجرين بالبشر، والإرهابيين”.
وشدّد على ضرورة أن يتم استدعاء الرئيس التنفيذي لشركة “فيسبوك” أمام لجنة مجلس النواب بشأن خطط العملة الإلكترونية.
وقالت ماكسين ووترز، رئيسة لجنة مجلس النواب الأميركي، إن هناك مخاوف جدية بشأن خطط فيسبوك والتي تثير مخاطر أمنية ومخاوف السياسة النقدية، ليس فقط لمستخدمي المنصة الاجتماعية، لكن أيضاً للمستهلكين والمستثمرين والاقتصاد العالمي.
هل يقود الغضب العام إلى وقف مشروع “فيسبوك”؟
وفي رؤية تحليلية لنائب محافظ بنك الاحتياطي الأسترالي السابق “ستيفن غرينفيل”، نقلها موقع “بروجيكت سينديكيت”، قال إن الغضب العام من شركة “فيسبوك” لن يؤدي إلى منع الشركة التي تعهدت بـ”التحرك سريعاً وتحطيم العوائق” من المضي قدماً، بل ومن المحتمل كسر الاقتصاديات الوطنية بأكملها في هذه العملية.
وأوضح غرينفيل “لا نزال نفتقر إلى التفاصيل الكاملة حول كيفية عمل ليبرا، والتي قد تكون في النهاية مجرد شكل آخر من أشكال أنظمة الدفع الحالية. بالفعل تقدم (آبل باي) و(باي بال) و(وي شات) وخدمات أخرى طرق دفع أساسية بما في ذلك مزايا تعزز سهولة الاستخدام لجذب العملاء والشركات.
لكن الخلاصة أن هذه الخدمات مجرد رابط إضافي في سلسلة من قنوات الدفع القائمة، والتي ترتبط في نهاية المطاف بالنظام المصرفي التقليدي”.
وأفاد غرينفيل بأنه “إذا كانت ليبرا ستتنافس مع هؤلاء اللاعبين الحاليين، فيمكن أن تظل هناك فرصة عظيمة لـ(فيسبوك)، ليس فقط من خلال رسوم تحويل ومعاملات الصرف الأجنبي، ولكن كذلك فيما يتعلق بجمع البيانات.
ومن شأن جمع بيانات الدفع والمعاملات لقاعدة المستخدمين الضخمة للشبكة الاجتماعية أن يعد بمثابة غنيمة رائعة في حد ذاته”.
ويستدرك غرينفيل “لكن بطبيعة الحال، تم الترويج لعملة (ليبرا) بأكثر من ذلك بكثير، حيث يقول أحد التنفيذيين في فيسبوك: نحن نريد أن يكون إرسال الأموال سهلاً بنفس سهولة إرسال رسالة نصية”.
“بتكوين” تقود موجة صعود قوية بسوق العملات الرقمية
في سوق العملات الرقمية المشفرة وعلى الرغم من هذه التحذيرات المستمرة، قفزت عملة “بتكوين” الأكثر قوة وشهرة في سوق العملات الإلكترونية بنسبة 8.08% لتصعد إلى مستوى 10620 دولار. فيما قفزت قيمتها السوقية الإجمالية إلى مستوى 189.2 مليار دولار.
كما ارتفعت عملة “إيثريوم” بنسبة 5.29% إلى مستوى 225 دولارا. فيما ارتفعت قيمتها السوقية الإجمالية إلى نحو 24.11 مليار دولار.
وبنسبة طفيفة، ارتفعت عملة “إكس ريبل” بنحو 2.22% إلى مستوى 0.323 دولار. كما ارتفعت قيمتها السوقية الإجمالية إلى نحو 13.8 مليار دولار.
وصعدت عملة “ليتكوين” بنسبة 9.66% إلى مستوى 100 دولار. كما قفزت قيمتها السوقية الإجمالية لتسجل نحو 6.2 مليار دولار.
وارتفعت عملة “بتكوين كاش” بنسبة 5.3% إلى مستوى 314 دولار. وارتفعت قيمتها السوقية الإجمالية إلى مستوى 5.6 مليار دولار.